إيطاليا تعكف على سن قانون جديد لتنظيم الأنشطة الفضائية.. ماذا تقصد بـ”عسكرة الفضاء”؟
كتب / حامد خليفة
صرّح وزير المشروعات و”صُنع في إيطاليا” أدولفو أورسو، اليوم الثلاثاء، أن بلاده كانت واحدة من أولى دول الفضاء العظيمة ولا يزال الفضاء حتى اليوم واحدًا من أكثر القطاعات الإستراتيجية لها، حسبما أفادت وكالة نوفا الإيطالية للأنباء.
وأدلى أورسو بهذه التصريحات خلال جلسة الإستماع اليوم في لجنة الأنشطة الإنتاجية بمجلس النواب الإيطالي حول سياسة الفضاء والطيران الحكومية، حيث قال إن إيطاليا “كانت واحدة من أولى دول الفضاء العظيمة ولا يزال الفضاء حتى اليوم واحدًا من أكثر القطاعات الإستراتيجية لبلدنا، والتي تحتاج إلى إستثمارات ولكن أيضًا إعادة التنظيم الرقابي للقطاع على المستوى الوطني ومتعدد الأطراف”، مذكرًا كيف “بعد 58 عامًا من إطلاق المدار الذي كان علامة على دخول إيطاليا إلى في قطاع الفضاء، ظل بلدنا الفاعل المطلق للمشهد العالمي في هذا القطاع وواكب هذا المسار الذي يتميز بالتميز الوطني والمشاركة الفعالة في برامج عمليات وكالة الفضاء الأوروبية المتعددة الأطراف مع استثمارات كبيرة في أحد أكثر القطاعات إستراتيجية لكل من تنميتنا الإقتصادية ومن حيث القدرة التنافسية الدولية”.
وتابع “يمكن فهم هذا الإهتمام على حد سواء من حيث أهمية التطورات العلمية والتكنولوجية والإستراتيجية المستمدة من استكشاف الفضاء والمقدار المذهل لرأس المال العام والخاص الذي سيتم نقله اليوم، وقبل كل شيء، في المستقبل في هذا السياق”، مشيرا إلى أن إقتصاد الفضاء هو بعد كل شيء “نمو مستمر لا يمكن وقفه”، حيث “بلغت القيمة الإقتصادية لإقتصاد الفضاء، في عام 2013، 260 مليار دولار، وهو رقم تجاوز اليوم 480 مليار دولار، وسيصل في العقد المقبل إلى تريليون دولار، ليتجاوز 2.7 تريليون دولار في عام 2040”.
يعد قطاع الفضاء مهمًا أيضًا على المستوى الأوروبي، على حد قول أورسو حيث “من المتوقع أن تصل الإستثمارات إلى 500 مليار يورو بحلول عام 2030”.
وأوضح أورسو أن “الصناعة الأوروبية توظف اليوم 230 ألف شخص، ويبلغ حجم مبيعاتها السنوية ملياري يورو. ويضاف إلى المخصصات الوطنية لوكالة الفضاء الأوروبية والإتحاد الأوروبي الأموال الوطنية التي تديرها وكالة الفضاء الإيطالية واليوم تلك التي توفرها خطة التعافي والقدرة على الصمود الإيطالية، والتي تنص على إستثمارات بقيمة 1.2 مليار لترقية مراقبة الأرض لرصد أقاليم الفضاء الخارجي وتعزيز المهارات الوطنية في إقتصاد الفضاء، إلى ذلك، يجب إضافة ملياري دولار من الإستثمارات التي أقرها نظام الكومينت (الإتصالات المخابراتية)، والتي أترأسها بوفد من رئيس الوزراء”.
وأشار إلى أن “دخول كيانات خاصة جديدة إلى قطاع الإطلاق سمح بزيادة عدد الأقمار الصناعية الموضوعة في المدار. تبلغ الكتلة الإجمالية للأقمار الصناعية التي تدور في مدارها حوالي 564 طنًا، في إتجاه متزايد بإستمرار يجلب معه فرصًا كبيرة ولكن أيضًا خطر تلوث الفضاء وأحداث مثل الإصطدامات اللاإرادية بين الطائرات والحطام الفضائي “.
وتابع “إذا نظرنا بشكل مباشر أكثر إلى بلدنا، فإن البيانات تتحدث عن نفسها عن الطبيعة الإستراتيجية للقطاع، مع بانوراما صناعية تفتخر بإيرادات سنوية تبلغ حوالي 4.5 مليار يورو، وحوالي 300 شركة وتتألف من كلا اللاعبين الكبار الموجودين في السوق الدولية من الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم مثل الشركات الناشئة والشركات المنبثقة “.
وأكد الوزير وجود “50 ألف عامل متخصص من إجمالي أكثر من 200 ألف عامل في سلسلة التوريد، يشتركون في أكثر من أربعة آلاف شركة تشكل الصناعات ذات الصلة، معظمهم، حوالي 90 في المائة من الشركات الصغيرة والمتوسطة”، مضيفا أن القطاع الإيطالي يفخر أيضًا “بالعديد من اللاعبين الكبار المعترف بهم والمعترف بهم دوليًا، والذين يمثلون حوالي 17 في المائة والذين يطورون أعمالهم في مختلف قطاعات سلسلة التوريد، مثل ليوناردو وأفيو سبا وتيليسباتسيو”.
ووفقًا لأورسو، فإن نمو القطاع وتوسعه بالتحديد يتطلب “إعادة تنظيم رقابي للقطاع”، حيث أوضح “نحن بحاجة إلى تدخل يدمج ويحدّث التشريع الوطني الساري، وكذلك فيما يتعلق بإدارة كيانات مثل وكالة الفضاء الإيطالية ويفضل نمو قطاع الطيران الوطني”، لافتا إلى أن “إيطاليا ليس لديها قانون وطني بشأن الفضاء، على عكس الدول الأوروبية الأخرى التي أعربت في السنوات الأخيرة عن تشريعات كاملة بشأن هذا القطاع”.
وأضاف “ما كان في السابق فرصة أصبح الآن ضرورة مطلقة، لسبب بسيط هو أنه في الماضي، كانت الدول فقط تتصرف في الفضاء، بينما يتصرف الأفراد اليوم أيضًا. لهذا، هناك حاجة إلى نظام واضح ورشيق يوفر للمشغلين في القطاع وكذلك للأفراد إطارًا تنظيميًا معينًا ينظم نشاطهم من خلال تنفيذ برنامج الفضاء الأوروبي أيضًا”.
وأشار إلى أنه “نظام يجب أن ينظم مبدأ مسؤولية الدولة عن أنشطتها الفضائية، ومبدأ المسؤولية المالية للدولة عن الأضرار التي تسببها أجسامها في الفضاء ومبدأ تسجيل الأجسام الفضائية”.
وبشأن توقيت القانون الجديد، أوضح الوزير أن نية الحكومة هي “عرض القاعدة على أنها مرتبطة بحزمة الموازنة، وذلك للعمل عليها في مجلس النواب العام المقبل وأختتامها ضمن حزمة الموازنة المقبلة، ليكون لها القانون “بحلول خريف العام المقبل وافق عليه البرلمان”.
وأكد أنه “قانون هام ومهم يجب فيه معالجة القضايا الحاسمة التي نعتبرها مهمة. الأولى هي النفايات الفضائية، التي تعمل عليها شركات الفضاء مثل تاليس ألينيا سبيس، مع طائرات تستعيد الحطام أو تنقله إلى مدارات أخرى، وهي تقنية إيطالية مهمة للغاية ونريد تعزيزها”.
أما عن “عسكرة الفضاء وحماية المصلحة الوطنية، فلا يغيب عن أحد أن هذا من القطاعات الأساسية في المجالات، مثل البحر والأرض، التي أضيف إليها الفضاء وعلم التحكم الآلي، من بين المجالات في حلف شمال الأطلسي (الناتو)”، على حد قول أورسو الذي شدد على أن هناك حاجة إلى “إطار تنظيمي يمكن أن يكون واضحًا” في مجال يجب أن يظل مفتوحًا للتشريعات الجديدة لأنه “يخضع لمرحلة من الإبتكار المستمر”.