مشاريع الاستثمار العقاري بين السياسي والمواطن
بقلم/ محمد الكعبي
بعد سقوط حكومة البعث عام 2003م، دخل العراق في عهد جديد ونظام سياسي مختلف عن سابقه، وبرزت قيادات واحزاب مختلفة التوجهات والتبعيات والايدلوجيات كان نصيبها قيادة المرحلة وكان امتحان صعب قد فشل فيه البعض وسقط في مستنقع الفساد الكثير، مما فتح الباب امام استشراء الفساد والخراب وتراجع البلد بشكل سريع جدا، فكان ساحة للصراع والتدخلات وتصفية الحسابات ،
فظهرت مشاكل كبيرة وكثيرة على المستويين الداخلي والخارجي مما اربك الوضع وتاه البلد بين الخصوم والتقاسم على المناصب والغنائم، مع إهمال واضح على مستوى الانسان والبناء والاسباب عديدة بعضها متعلق بنفس تلك الاحزاب والشخصيات وبعضها بالمجتمع وبعضها اسبابه داخلية وخارجية.
وكثيرة هي المشاكل التي يعاني منها المواطن.
اليوم سنتناول مشكلة شغلت الراي العام واخذت مساحة واسعة بين اوساط المجتمع، وكثر حولها الكلام وهي (المجمعات السكنية) فكانت محل اهتمام الناس، والسؤال عن ملكية تلك المجمعات ومنافعها وغايتها ومن هم اصحابها الذين يديرونها بالخفاء ولمن انشأت اصلا.
مشاريع سكنية عملاقة ومدن كبيرة في كل مكان، والتي لا تلبي طموح الفقراء والمساكين والمحتاجين بل جاءت لتزيد الاغنياء غنى والفقراء فقرا، بسبب اسعارها الخيالية والتي تفوق اسعار لندن وباريس مما زاد قيمة العقار في كل العراق واصبحت اسعار لايمكن ان يفكر المواطن ان يسكن في بيت بسبب تلك المجمعات السكنية، علما ان الارض اما انها استثمار أو مجانية أو بأسعار رمزية، حتى مواد البناء مدعومة ومن دون رسوم وفوائد وضرائب أو بأموال بسيطة، وبعد سقوط العملة وانهيارها في بعض البلدان وفقدان اغلب المودعين اموالهم في تلك الدول لجأ البعض إلى بناء المجمعات السكنية والاسواق الكبيرة والمشاريع الاستثمارية ذات الربح السريع والكبير والمضمون من قبيل انشاء مستشفيات وجامعات ومدارس خاصة وكلها لا تخدم المواطن بل افشلت المؤسسات الحكومية واربكت العمل الاداري والخدمي. على الحكومة أن تاخذ دورها وتقف أمام جشع وفساد تلك المجموعات الفاسدة وعلى الحكومة ان تحدد الاسعار المناسبة وتفرضها على المستثمرين وتفرض عليهم قوانينها التي تخدم المواطن، وعلى مجلس النواب والادعاء العام والجهات الرقابية وجميع المنظمات الرسمية وغير الرسمية ان تأخذ دورها في حل هذه القضية.
إلى متى يبقى المواطن يعيش الفقر والعوز وتتلاعب به ايادي خفية غايتها تدمير الشخصية العراقية من خلال جعله يلهث خلف طلب الرزق لعياله ويعاني البطالة والجوع مع اهمال واضح من قبل الحكومات المتعاقبة والتي عمقت الخراب والدمار ولم تستطع النهوض بالواقع الخدمي والاجتماعي بسبب الفساد والمحاصصة والمحسوبية وضعف الرقابة والمحاسبة وعدم تسييد القانون، مما جعل ضعاف النفوس يتمادون في طغيانهم وتمردهم، فكان نصيب الشعب الجوع والمرض والجهل والموت واحيانا تكميم الافواه وقتل الكلمة وكسر الاقلام الحرة وقطع السن الناطقين بالحق بتهم كيدية جاهزة لاسكاتهم لتخلو الساحة للعصابات الخارجة عن القانون والتي تبيع وتشتري بالبلد بلا رقيب ولا حسيب. هل يعقل ان الحكومة عاجزة عن توفير سكن مناسب يليق بشعب يملك الخير الكثير؟ متى تفكر الحكومة بالمواطن وتفرض سيطرتها على المتحكمين بسوق العقار، نعم الكثير يقول أن مسألة المجمعات السكنية وانشاء الاسواق الكبيرة (المولات) موضوع يتعلق ببعض الاحزاب السياسية والشخصيات المتنفذة في البلد مما يجعل الحكومة الحالية أمام مسؤولية كبيرة وصعبة تحتاج إلى وقفة شجاعة وجريئة لكبح جماح تلك الاحزاب والشخصيات وتبادر لانشاء المجمعات السكنية والتجارية وتقطع الطريق امام الفاسدين والمتلاعبين بمقدرات الشعب .