الدكرورى يكتب عن أم أيمن بركة بنت ثعلبة الحبشية ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــــرورى
أم أيمن بركة بنت ثعلبة الحبشية ” جزء 1″
السيدة بركة بنت ثعلبة بن عمرو بن حصن، وهي أم أيمن، غلبت عليها كنيتها، كنيت بابنها أيمن بن عبيد، وهي بعد ذلك أم أسامة بن زيد، وأم أيمن بركة بنت ثعلبة الحبشية حاضنة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ومربيته، وهي زوجة الصحابي زيد بن حارثة وأم أسامة بن زيد، وقد ورثها النبي صلى الله عليه وسلم، عن أمه، ثم أعتقها، فبقيت ملازمة له طيلة حياتها، وكنيتها التي اشتهرت بها هي أم أيمن، وتكنى أيضا بأم الظباء، ومن ألقابها مولاة رسول الله وحاضنة رسول الله، وأمة رسول الله، وولدت أم أيمن في الحبشة، فهي حبشية، غنتمها قريش مع من جاؤوا يريدون هدم البيت.
فأصبحت مولاة لعبد الله بن عبد المطلب، وعاشت في مكة، لا يُعرف الكثير عن سنة مولدها وحياتها قبل النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك لكونها جارية، ولما توفي عبد الله ووضعت زوجته آمنة بنت وهب مولودها الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أخذته أم أيمن واحتضنته حتى بلغ أشده، ولما تزوج السيدة خديجة بنت خويلد أعتقها، فكان النبي صلى الله عليه وسلم، يقول عنها ” أم أيمن، أمي بعد أمي ” وقد أسلمت قديما أول الإسلام، وهاجرت إلى الحبشة وإلى المدينة، وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل أسلمت أم أيمن أول الإسلام، وقيل أسلمت أم أيمن مبكرا بعد خديجة وعلي وزيد.
وبعدما استشهد زوجها عبيد الخزرجي قال النبي صلى الله عليه وسلم ” من سره أن يتزوج امرأة من أهل الجنة، فليتزوج أم أيمن ” فتزوجها زيد بن حارثة، وأنجبت له أسامة بن زيد، حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان من مواقفها مع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم،وهو أنه لما حضرت بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، صغيرة، فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فضمها إلى صدره ثم وضع يده عليها فقضت، وهي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبكت أم أيمن فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم “يا أم أيمن، أتبكين ورسول الله عندك؟”
فقالت ما لي لا أبكي ورسول الله صلى الله عليه وسلم، يبكي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إني لست أبكي ولكنها رحمة” ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “المؤمن بخير على كل حال تنزع نفسه من بين جنبيه وهو يحمد الله، وقالت أم أيمن رضي الله عنها قام النبي صلى الله عليه وسلم، من الليل إلى فخارة من جانب البيت فبال فيها، فقمت من الليل وأنا عطشى فشربت ما في الفخارة وأنا لا أشعر، فلما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم، قال “يا أم أيمن، قومي إلى تلك الفخارة فاهريقي ما فيها” قلت قد والله شربت ما فيها، قال فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى بدت نواجذه.
ثم قال “أما أنك لا يفجع بطنك بعده أبدا” وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول لأم أيمن “يا أمه” وكان إذا نظر إليها قال “هذه بقية أهلي بيتي” وقد خرجت أم أيمن يوم أحد لسقاية الماء، ومداواة الجرحى، ولما رأت فرار الرجال في المعركة، كانت تحثو التراب في وجوه الذين فروا، وتقول لبعضهم هاك المغزل وهات سيفك، ودافعت عن النبي صلى الله عليه وسلم، بالسيف لما رأت الناس تفر من حوله، ثم اتجهت نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم، تستطلع أخباره حتى اطمأنت على سلامته فاطمأن قلبها، وبينما كانت هناك إذ بسهم حبان بن العرقة يصيبها، فانكشف عنها، فضحك ضحكا شديدا.
فشق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فناول سعد بن أبي الوقاص رضي الله عنه سهما لا نصل له، وقال له ارم، فأصاب السهم نقرة حبان فوقع مستلقيا، وبدت عورته، فضحك رسول الله حتى بدت نواجذه، وقال استقاد لها سعد أجاب الله دعوتك وسدد رميتك، وقد شهدت أم أيمن مع ابنها يوم حنين، وهنالك كادت الهزيمة تلحق بالمسلمين، ففر بعض الصحابة لهول الموقف، إلا أن أم أيمن بقيت ثابتة هي وابنها في جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم، وظل أيمن يقاتل حتى استشهد في تلك الواقعة، وقد أحصى العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، وفي تلك الواقعة نادت بالمسلمين وكانت عسراء اللسان.