الدكرورى يكتب عن أم كلثوم بنت عقبة بن معيط ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــــرورى
أم كلثوم بنت عقبة بن معيط ” جزء 1″
السيدة أم كلثوم بنت عقبة بن معيط، وهى صحابية من صحابيات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي أول من هاجر من النساء بعد أن هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى المدينة، وقيل لم نعلم قرشية خرجت من بين أبويها مسلمة مهاجرة إلى الله ورسوله إلا أم كلثوم بنت عقبة، فقد خرجت من مكة وحدها وصاحبت رجلا من خزاعة حتى قدمت المدينة في الهدنه لصلح الحديبيه، واسمها أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط بن ذكوان بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي، الأموي، وأمية بن عبد شمس هو الجد الجامع لبني أمية إحدى بطون قبيلة قريش الكنانية المضرية العدنانية.
وأمها هي أروى بنت كريز بن ربيعة، وأم كلثوم هي أخت عثمان بن عفان لأمه، فقد كانت أروى بنت كريز، زوجة عفان بن أبي العاص، والد عثمان، فلما مات عفان، تزوجها عقبة بن أبي معيط، ونشأت أم كلثوم في أسرة لها أب شديد الكره والعداء للإسلام وللنبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك كان إخوتها عمارة والوليد وخالد، ورغم هذه البيئة المُعادية للنبي صلى الله عليه وسلم، والكارهة للإسلام، فإن أم كلثوم تفكرت سرا في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، وقارنت بين أصنام متعددة من الحجر أو العجوة صنعها الناس بأيديهم، وهي لا تضر ولا تنفع.
وبين إله واحد لا شريك له، خلق الكون كله، فهداها تفكيرها إلى الإله الواحد، وقد زادت كراهية إخوة أم كلثوم للنبي صلى الله عليه وسلم، والمسلمين بعد مقتل أبيهم في غزوة بدر، فقد خرج أبوها للقتال مع المشركين فقتل وانهزم المشركون، وقد أسلمت في مكة المكرمه وبايعت النبى صلى الله عليه وسلم، ولكن لم يتهيأ لها الهجرة إلى سنة سبع للهجرة، وكان خروجها فى زمن صلح الحديبية، وكان من الأمور الصعبة على أم كلثوم كفتاة وحيدة الخروج وحدها لتقطع الطريق إلى المدينة دون حماية فخرجت أم كلثوم ورغم المخاطر من مكة وحدها.
وفي الطريق قام بحراستها أحد المؤمنين من قبيلة خزاعة وفي ذلك الوقت لم تنزل بعد آيات التحريم والحجاب، وعندما بلغت المدينة، ولم تكن تعلم أن أخويها الوليد وعمار قد انطلقا من مكة خلفها، فلم يمضى يوم على استقرارها في المدينة حتى وصلا إلى المدينة وتقدما إلى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، ليقولا له “أوف لنا بشرطنا وما عاهدتنا عليه” وكان المشركون قد شرطوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم الحديبية إنه من جاء من قبلنا وإن كان على دينك رددته إلينا ومن جاءنا من قبلك رددناه إليك، فكان يردّ إليهم من جاء من قبلهم يدخل في دينه.
فلما جاءت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط مهاجرة جاء أخواها يريدان أن يخرجاها ويرداها إليهم، فوقفت أم كلثوم بجرأة لتقول ” يا رسول الله أنا امرأة وحال النساء إلى الضعف ما قد علمت، أفتردني إلى الكفار يفتنونني في ديني ولا صبر لي” فجاءت فيها وفي النساء من مثل حالتها، سورة الممتحنة “إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن” فكان يقول لهن محلفا ” الله ما أخرجكن إلا حب الله ورسوله والإسلام، ما خرجتن لزوج ولا مال ؟ فإذا قلن ذلك، لم يرجعهن إلى قومهن، وعندما قالت أم كلثوم هذا، التفت النبي صلى الله عليه وسلم، إلى الوليد وعمارة قائلا.
” قد أبطل الله العهد في النساء بما قد علمتاه” فانصرفا، وذكر ابن إسحاق أن أخويها رحلا بعد رفض النبي صلى الله عليه وسلم، أن يردها إليهماوفي المدينة تزوجت أم كلثوم من أربعة من الصحابة الكرام فى حياتها، فتزوجت زيد بن حارثة الذي قتل يوم مؤتة، وبعده تزوجت من الزبير بن العوام، وولدت زينب ثم طلقها، فتزوجت مرة أخرى من أغنى الصحابة عبد الرحمن بن عوف فولدت له إبراهيم وحميدا وإسماعيل، وعندما توفي عنها، تزوجها عمرو بن العاص وقد توفيت بعد شهر من زواجه وذلك في فترة خلافة الإمام علي بن أبى طلب رضى الله عنه.
وبهذا كانت هجرة أم كلثوم خيرا وبركة على المهاجرات اللاتي أتين مِن بعدها، حيث صارت أي امرأة تؤمن بالله ورسوله لا تخشى أن يُعيدها النبي إلى الكفار بسبب المعاهدة صلح الحديبية، وقد جاءت بالفعل بعد أم كلثوم بنت عقبة نساء كثيرات أسلمن، وتركن مكة وهاجرن إلى المدينة فرارا بدينهن من أذى الكفار، ولما قدمت أم كلثوم من مكه إلى المدينه كانت ما تزال فتاة صغيرة السن لم تتزوج بعد، وقد أعجب بصدق إيمانها وشجاعتها كثير من الصحابة، فتقدم لخطبتها الزبير بن العوام، وزيد بن حارثة، وعبد الرحمن بن عوف، وعمرو بن العاص، فاستشارت أخاها لأمها عثمان بن عفان.