الدكرورى يكتب عن حمنة بنت جحش الأسدية ” جزء 2″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
حمنة بنت جحش الأسدية ” جزء 2″
ونكمل الجزء الثانى مع حمنة بنت جحش الأسدية، وكان زوجها الثانى طلحه بن عبيد الله هو أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن السابقين الأولين إلى الإسلام، وأحد الستة أصحاب الشورى الذين اختارهم عمر بن الخطاب ليختاروا الخليفة من بعده، وقد قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم، أنه شهيد يمشي على الأرض فقال صلى الله عليه وسلم “من سره أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله” وفي غزوة أحد حتى شُلَت يده، فظل كذلك إلى أن مات، وجعله عمر بن الخطاب في الستة أصحاب الشورى الذين ذكرهم للخلافة بعده، وقال هم الذين توفي رسول الله وهو عنهم راض، وبعد مقتل عثمان بن عفان خرج إلى البصرة مطالبا بالقصاص من قتلة عثمان فقتل في موقعة الجمل.
فكان قتله في رجب سنة ست وثلاثين من الهجرة، وله أربع وستون سنة، وقيل اثنان وستون سنة، كان لطلحة أحد عشر ولدا وأربع بنات، وتنتمي حمنة بنت جحش بن رئاب إلى بني أسد بن خزيمة وأبوها هو جحش بن رئاب الأسدي كان حليفا لسيد قريش عبد المطلب بن هاشم، وأمها أميمة بنت عبد المطلب عمة النبي صلى الله عليه وسلم، وحين رجعت إلى المدينة، نعى لها النبي صلى الله عليه وسلم، أخاها عبد الله فاسترجعت، ونعى لها خالها حمزة بن عبد المطلب فاسترجعت، فلما نعى لها زوجها مصعب بن عمير ولولت، فقال لها النبي كيف قلت على مصعب ما لم تقولي على غيره، فقالت يا رسول الله ذكرت يُتم ولده، وقد جُلدت حمنة في حادثة الإفك حيث تكلمت في أم المؤمنين عائشة ظنا منها أن ذلك خير لأختها زينب بنت جحش .
فلما نزل القرآن ببراءة عائشة، جُلدت مع حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة، وحسان بن ثابت الأنصاري هو شاعر عربي وصحابي من الأنصار، وينتمي إلى قبيلة الخزرج من أهل المدينة، وكما كان شاعرا معتبرا يفد على ملوك آل غسان في الشام قبل إسلامه، ثم أسلم وصار شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم، بعد الهجرة، وقد توفي أثناء خلافة علي بن أبي طالب رضى الله عنه، وأما مُسطح بن أثاثة فهو صحابي بدري، وقد شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم المشاهد كلها، وكان من أهم ملامح شخصية السيده حمنة بنت جحش، هو اجتهادها في العبادة، فقد روى الإمام أحمد عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حبلاً ممدودا بين ساريتين فقال “لمن هذا؟” قالوا لحمنة بنت جحش، فإذا عجزت تعلقت به، فقال ” لتصلى ما طاقت فإذا عجزت فلتقعد”
ويروي محمد بن عبد الله بن جحش قال قام النساء حين رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أحد يسألن الناس عن أهليهن فلم يخبرن حتى أتين النبي صلى الله عليه وسلم، فلا تسأله امرأة إلا أخبرها، فجاءته حمنة بنت جحش، فقال “يا حمنة احتسبي أخاك عبد الله بن جحش” قالت إنا لله وإنا إليه راجعون رحمه الله وغفر له، ثم قال “يا حمنة احتسبي خالك حمزة بن عبد المطلب” قالت إنا لله وإنا إليه راجعون رحمه الله وغفر له، ثم قال “يا حمنة احتسبي زوجك مصعب بن عمير” فقالت يا حرباه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “إن للرجل لشعبة من المرأة ما هي له شيء” وقال محمد بن عمر في حديثه وقال لها النبي صلى الله عليه وسلم “كيف قلت على مصعب ما لم تقولي على غيره؟” قالت يا رسول الله ذكرت يتم ولده.
ولما ولدت حمنة بنت جحش محمد بن طلحة بن عبيد الله جاءت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسماه محمدا وكناه أبا سليمان، وعن إبراهيم بن محمد بن طلحة عن عمه عمران بن طلحة عن أمه حمنة بنت جحش قالت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت إني قد استحضت حيضة منكرة شديدة، فقال “احتشي كرسفا” قلت إنه أشد من ذاك، إنى أثجه ثجا، قال “تلجمي، وتحيضي في كل شهر في علم الله ستة أيام أو سبعة أيام، ثم اغتسلي غسلا وصومي وصل ثلاثا وعشرين أو أربعا وعشرين، واغتسلي للفجر غسلا وأخري الظهر وعجلي العصر، واغتسلي غسلا وأخري المغرب وعجلي العشاء، واغتسلي غسلا وهذا أحب الأمرين إلي” ولم يقل يزيد مرة واغتسلي للفجر غسلا، وقد روت حمنة بنت جحش أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنها ابنها عمران ومما روته حمنة بنت جحش عن رسول الله صلى الله عليه وسلم “ألا إن الدنيا حلوة خضرة، فرب متخوض في الدنيا ليس له يوم القيامة إلا النار”.