الخذلان
الخذلان
بقلم د/ سومة تاج الدين
كم هو مؤلم أن تتلقّى الطعنات ممن أسكنته تجاويف قلبك، إنسان أحببته بإخلاص، ووثقت به ووهبته الحب والمشاعر الصادقة، بنيت معه أحلاماً جميلة ووعوداً متواضعة، عندما جعلته فوق كل شيء، حلقت به عالياً ولكن يطعنك من خلفك.
جبرت كسره واستدار وكسرني”
ماذا يعني الخذلان؟
يعني الخذلان فقد على قيد الحياة وخيبة أمل جسيمة، كدمة في النفس ورضة في الروح.
لا شك أن الشعور بالضعف والوهن المفاجئ يصيب من يتعرض للخذلان، والشعور بالتراجع عن الاقبال على الحياة وعدم الرغبة فيها، ويصطدم هذا الشخص بالحقيقة، وينتج عنها عدم القدرة على التفكير السليم المنطقى، والتفكير بشكل عشوائى وغير منظم وغير محدد، فيصبح غير قادر على مواجهة حقائق الحياة وصدماتها، ويوحد شعوره بعدم الثقة المتناهية فى الجميع وعدم القدرة على التصالح مع الآخرين بعد التعرض للخذلان من بعض المقربين.
وقلة الوفاء تصيب الانسان بالاضطراب والتخلخل النفسى، فلا يحدد عدوه من صديقه، ولا يمكنه السيطرة على النفس بسهولة بمجرد التعرض لمثل هذه المشكلة.
ورد فعلنا هو ما سوف يحدد إلى أي مدى تأثرنا بالخذلان لذا ينصح بالانتباه إلى اتخاذ ردود فعل إيجابية مثل:
الاعتراف بأن أغلب العلاقات في حياتنا تتغير، من عرفناهم بالأمس ليسوا هؤلاء الذين نعرفهم اليوم، تتغير الشخصيات والمواقف والظروف وكذلك العلاقات، صحيح أن الأمر مؤلم، لكن علينا أن نتقبله كحقيقة من حقائق الحياة الثابتة، الأشخاص لهم أعمار تنتهي وكذلك العلاقات لها أعمار تنتهي عندها، أو في أحسن الظروف تأخذ العلاقات أشكالاً ومسارات مختلفة، ليست بالضرورة سيئة ولكنها مختلفة عن احتياجاتنا ربما.
التماس العذر للآخرين: أيًا كان الشخص الذي خذلك والموقف الذي فعله، أنت بحاجة لأن تلتمس له العذر، ربما هو لم يكن بالقوة الكافية للالتزام ناحيتنا، ربما لو استمرت العلاقة لنتج عنها إيذاء ما، وربما هناك جزء من الحقيقة لا نعلمه، في الحقيقة التماس العذر يساعدنا على التعافي والتخلص من المشاعر السلبية.
تجنب الأحكام: نحن بشر لا نعلم الغيب ولن نعلم الحقيقة أبدًا ما لم يذكرها أصحابها بوضوح، لذا ثالث طريقة للتعامل بإيجابية مع مواقف الخذلان ألا نحاول البحث عن تفسيرات للخذلان، والتساؤل الشائع: لماذا حدث معي هذه؟! هو في النهاية خذلان وقع، تفسيره وأسبابه لدى أصحابه وليس نحن.
حياتنا ستستمر وستمضي إلى الأجمل ما لم نتأثر بالقدر الذي يفسد مسارها، ولم نتعثر بإرادتنا عند تلك النقطة.
كيف تتخطى الخذلان؟
الحياة تمضي والخذلان مجرد نقطة في بحر الحياة فعليك بالآتي:
*افصل الحقائق عن المشاعر: من حقنا أن نغضب لكن ليس من حقنا أن نخلط بين تصوارتنا ومشاعرنا وبين الأسباب الحقيقية التي تقف وراء الموقف، لذا من الضروري أن نتأمل الأسباب المنطقية للحدث الذي انتهى بنا إلى الخذلان في النهاية، بصرف النظر عن مشاعرنا تجاه الأمر.
*تقبل مشاعرك: عندما تشعر بخيبة الأمل، تعاطف مع نفسك، صحيح أنك بعد الخطوة الأولى صرت تعلم الأسباب الحقيقية وراء الخذلان، وسواء كانت الأسباب مقنعة لك أو لا، الخطوة التالية أن تتعاطف مع نفسك، ولكن لا ترثي لها.
*تواصل مع الآخرين: أسوأ ما قد يحدث عقب شعورك بالصدمة تجاه الآخرين أن تتوقف عن التواصل مع الجميع، على اعتبار أنك سوف تتعرض لنفس التجربة مرة أخرى.
ليس الجميع متشابهون، وفي أوقات كثيرة تنتهي علاقة إنسانية لتبدأ أخرى أجمل، تذكر لذلك جيدًا.
*لست ذئبًا منفردًا: الانفراد بالنفس والعزلة لن تقي من القصص الحزينة، لكنها ستمنعك من الحياة، تلك الفقاعة التي ستحيطين بها نفسك أملاً في النجاة من تجارب مشابهة سوف تقودك إلى وحدة قاتلة.
*توقف عن الذم والنميمة: من الجيد أن تعبر عن مشاعرك بحرية وأن تتحدث عن الأمر حتى تتخلص منه، لكن هذا لوقت بسيط وبهدف التعافي، الأمر السيئ أنه ما دام استمر غضبك وحديثك عن بطل قصة الخذلان في جلساتك وأحاديثك فأنت لم تتخطى الأمر بعد.
*التزم تجاه نفسك، بمجرد أن تتخذ قرارًا بأن تضع الأمر خلف ظهرك افعل ذلك، الحياة بها ما يكفي من المتاعب والإيذاء كي نعيش بحمول إضافية على أكتفانا نفكر فيمن خذلنا ومن تخلى عنا، اختار أن تسامح وتمضي قدمًا.
*كافئ نفسك: من البطولة أن تنتصر لنفسك ولا تحمل ما لا طاقة لها به، تلك البطولة تستلزم منك مساحة لنفسك كي تحتفل بانتصار بالطريقة التي تسعدك. تذكر دائمًا أنك تبذل جهدًا وتحاول ولم تتوقف أو تنحني أمام تجربة مسيئة، أنت مررتِ بالأمر، وبقدر المتاح احتفل واستمتع بوقتك، أنت أفضل بنفسك لا بالآخرين.
*لا تعود أبدًا إلى الخلف: ستأتي لحظات وتتذكر، في الأوقات الصعبة ستفتقد وجود من خذلوكِ، سيضع عقلك الحسابات البديلة وتبدأ في التفكير على طريقة لو كانوا هنا لاختلف الأمر، تلك طريقة خاطئة في التفكير ستقودك إلى الحزن فقط.
*اخلق مساحتك: ليس لديك شيء لتخسره، ربما لن يؤلمك شيء بقدر ما آلمك من قبل، هذا يعطيكِ الحق في خلق مساحة خاصة بك ووضع شروطك العاقلة كي لا يتكرر الأمر مرة أخرى، لا بأس بأن يكون لديك مساحتك، انطلق فيها برشاقة وسعادة واختار بشكل أدق من يستحقون ثقتك في المستقبل.
تذكر.. تذكري.. في الواقع لن تخلو الحياة من الخذلان أبدًا، لذلك على المرء أن يتعلم كيفية التعامل مع الأمر، لأنه عادة ما يصيبنا الخذلان في مقتل حين نتعامل معه بالطريقة الخاطئة، فنختبر الوجع مرتين، وهذا ما نحن في غنى عنه بالطبع.
