الدكرورى يكتب عن نبي الله يوسف علية السلام ” جزء 6″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
نبي الله يوسف علية السلام ” جزء 6″
ونكمل الجزء السادس مع نبي الله يوسف علية السلام، وهنا حصلت المعجزة فالله تعالى لا يرضى بالظلم، والإهانة لعباده الصالحين، فإن اتقيت الله فاعلم أنه معك على الدوام، فأنطق الله تعالى صبيا بالمهد كان من أحد أقاربها، فقال لسيدها أن يرى قميصه فإن كان قد مزق من الأمام فيكون هو كاذب وهي صادقة، إذ إنها تكون قد دفعته عن نفسها، وإن كان مزّق من الخلف فسيكون هو الصادق إذ إن قميصه سيكون قد تمزق خلال امساكها له وهو يهرب منها، وعندها طلب زوجها منها أن تستغفر لذنبها ومن يوسف أن لا يذكر ما حصل فهو الأمر الأفضل والأقرب إلى الخلق في مثل هذه الحالة، ولكن لم ينتهي الموقف عند هذا، فما زالت امرأة العزيز تحبه وهو ما علم به نسوة المدينة فلهذا بدأن بالحديث عنها، ولما سمعت بذلك دعتهن.
وأعدت لهن الضيافة ومن ضمنها ما يقطع بالسكين وألبست يوسف أحسن الثياب فكان على أبهى الصور، وعندما خرج عليهن انبهرن بجماله حتى أنهن قطعن أيديهن بالسكين ولم يشعرن بالألم، وقد كان يوسف عليه السلام يغطي وجهه في العادة إذا أتته امرأة تريد حاجة كي لا يرى الناس جماله فيفتنوا فيه، فالجمال وهو نعمة من نعم الله تعالى إلا أنه كان بلاء لنبى الله يوسف عليه السلام في هذه الحالة، فليست السعادة دائما بما يظنه الناس من النعيم، وعندما حرضت نسوة المدينة يوسف على الطاعة لسيدته، وامتنع وأبى هددته بالسجن، ولكن دعا يوسف عليه السلام ربه بأن يسجن فهو أحب إليه من معصية الله تعالى، فلو لم يعصمه الله تعالى ويعطه القوة والنور في قلبه لما استطاع أن يمتنع عن الفاحشة، فاستجاب له الله تعالى.
فأمر العزيز وزوجته بسجن يوسف عليه السلام ظلما كي يظهر للناس أنه هو من راودها عن نفسه ويقل كلام الناس في تلك القضية، وفي السجن بدأ فصل آخر من قصة نبى الله يوسف عليه السلام، إذ دخل معه السجن شخصان، وقد ذهب العلماء إلى أنهما ساقي الملك وخبازه، فأعجبهما في يوسف عبادته وتوكله على الله تعالى، وشاهد كل واحد منهما رؤيا على شاكلته، فرأى الأول أنه يعصر الخمر من ثلاث عناقيد عنب قد امتلأت فعصر منها وسقى الملك، والآخر أنه يحمل ثلاث سلال من الخبز على رأسه وتأكل الطير من الخبز من على رأسه، فسألا يوسف عليه السلام عن ذلك، فأخبرهما في البداية أنه ما من حلم يحلمانه إلا ويخبرهما تأويله فيكون كما قال، فهو من علمه الله تعالى تعبير الرؤى من صغره.
وقبل أن يفسر لهما المنام أخبرهما أنه يوحد الله تعالى وأنه على ملة أبيه وأجداده يعقوب وإسحاق وإبراهيم عليهم السلام وهو مسلما لله تعالى الذي هو أقوى من تلك الأصنام المتفرقة، وقد أمر الله تعالى، أن يعبده الناس ولا يشركوا بعبادته أحدا، وأخبرهما تأويل حلمهما بان الخباز يصلب وتأكل الطير من رأسه، وأن الساقي يخرج من السجن ويعود لسقي الملك، وأن هذا أمر مقضي سيحصل في العاجل أم الآجل، وطلب من الذي ظن أنه ناج منهما أي الساقي أن يذكره عند الملك وما به من الظلم، فلا مانع من الأخذ بالأسباب، بل هو واجب وهو لا ينافي التوكل على الله أبدا، بل إنه واجب إلى جانب التوكل على الله، لكن الشيطان أنسى الناجي أن يذكر يوسف عليه السلام عند الملك لبضع سنين بقي فيها يوسف في السجن.
ولكن بعدها أراد الله تعالى إخراج يوسف من السجن، فرأى الملك رؤيا وهي انه كان على حافة النهر فخرجت سبع بقرات سمان يرتعن في الخضرة هنالك، فخرجت سبع بقرات هزال ضعاف فرتعن معهن ثم أكلنهن، فاستيقظ مذعورا ونام بعدها، فرأى سبع سنبلات خضر في قصبة واحدة، فإذا بسبع يابسات أخر يأكلونهن، فقصها على قومه فأخبروه أنها من الأحلام التي لا تعبير لها، وأن لا خبرة لهم بتفسير الرؤى، وعندها تذكر الساقي الذي نجى من السجن يوسف عليه السلام وقدرته على تفسير الرؤى وأخبر الملك عنه، وطلب أن يرسله إلى يوسف كي يفسرها له، فأخبرهم يوسف بأنه يأتيهم سبع أعوام يخضر فيها الزرع ومن بعدها سبع يأتيهم فيها القحط ومن بعدها يأتيهم عام فيه الخير ويرزق فيه الناس.