الدكرورى يكتب عن نبي الله يوسف علية السلام ” جزء 3″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
نبي الله يوسف علية السلام ” جزء 3″
ونكمل الجزء الثالث مع نبي الله يوسف علية السلام، وقد اشتهر عنه فيما بينهم، بأنه شخص صالح، وصادق الحديث، وكثير العبادة، وكما أنه أمين ومحسن، ودخل في تلك الفترة فتيان،الأول هو ساقي الملك، والثاني خباز الملك، وقد رأى كل واحد منهما في المنام حلما، وأتيا إلى يوسف عليه السلام، وقص كل منهما خبره عليه وطلبا منه تأويل ذلك، وكان الله سبحانه وتعالى قد علم يوسف التفسير، ولأن يوسف عليه السلام نبي فقد استغل هذه الفرصة ليدعوا إلى الله تعالى، فذكرهما بالله سبحانه وتعالى وبوحدانيته، ودعاهما إلى عبادته وحده وترك ما يعبدون من غيره، وأورد لهم دلائل التوحيد وبراهينه ومبطلات الشرك، وقد أخبر يوسف عليه السلام، بعد ذلك كل واحد منهما تفسير منامه، وكانت رؤيا الأول أنه يعصر الخمر بيديه ثم يقدمه لسيده.
فكانت بشارته أنه سيخرج من السجن ويعود إلى عمله، أما الآخر الذي رأى أنه يحمل الخبز وتأكل الطيور من ذلك الخبز فوق رأسه، فقد أخبره بأنه سوف يصلب عقابا له ويبقى مصلوبا إلى أن تأكل رأسه الطيور، وطلب نبى الله يوسف عليه السلام ممن سيخرج من السجن من الفتيان أن يذكره عند الملك وأن يذكر بأنه بريء من التهمة ليخرج من السجن، إلا أن الفتى نسي الأمر وبقي يوسف عليه السلام في سجنه بضعة سنوات، وبعد أن لبث يوسف عليه السلام سنوات أخريات في السجن، رأى عزيز مصر في حلمه أن هناك سبع بقرات هزيلات ضعاف يأكلن سبع بقرات كبيرات سمان، ثم رأى سبع سنبلات خضر وأخرى مثلهن لكن يابسات، وحين طلب من حاشيته أن يخبروه عن تفسير هذه الرؤيا اعتذروا بأنهم لا يعلمون تفسير الرؤيا.
وأن ذلك الحلم قد يكون مجرد خربطة أحلام، وسمع الفتى الذي كان مع يوسف عليه السلام في السجن ذلك وأشار عليهم بمن يفسر لهم تلك الرؤيا، وأخبرهم أن يوسف قادر على تأويلها، وقد فسرّ يوسف عليه السلام، حلم العزيز وأخبرهم بأنهم ستمر عليهم سبع سنين فيهن رزق وبركة بسبب الخصب والأمطار، ونصحهم بأن يحفظوا من هذا الحصاد ما يكفيهم للسنين القادمة، وأشار عليهم بأن يتركوا الحصاد في سنبله حفظا له من الفساد، وأن يبقوا قليلا منه للأكل، ثم أخبرهم أن السنوات التي ستأتي بعد هذه السنين سنوات سبع فيهن جدب وشدة، فيستهلكون ما حفظوه من غلة السنين الماضية، وبعد هذه السبع العجاف ستأتيهم سبع سنين ينزل فيها عليهم الغيث، وتخصب الأرض وتغل ويعصر الناس مما يخرج من الأرض من زيت وعنب ونحوهن.
وقد طلب الملك من حاشيته أن يأتوه بيوسف عليه السلام بعد أن فسّر له رؤياه، إلا أن يوسف عليه السلام رفض ذلك حتى تظهر براءته للناس ويعلموا أنه عفيف ولم يقترف شيئا، وحتى لا يبقى في نفس الملك على يوسف شيئا، وحين سألهن الملك اعترفن بأن يوسف عليه السلام وكان بريئا واعترفت امرأة العزيز أنها هي من رادوته عن نفسه، ولما ظهرت للملك براءة يوسف أمر بإخراجه من السجن، فخرج عليه السلام، وقد طلب يوسف عليه السلام، من الملك بعد أن أخرجه من السجن وأكرمه بأن يجعله وزيرا للخزينة، فقبل الملك ذلك وأعطاه مفاتيح الخزينة، وهذا من رحمة الله تعالى وتمكينه ليوسف عليه السلام وفضله عليه، ولقد قدّر الله سبحانه وتعالى أن يكون لقاء يوسف عليه السلام بأخوته في سنين الجدب.
حين عمّ القحط واشتدت السنين على الناس فخرج أهل فلسطين وفيهم أخوة يوسف إلى مصر، لعلهم يجدون هناك مؤونة يرجعون بها إلى أهلهم، وحين دخلوا على أخيهم يوسف عليه السلام، وكان حينها وزيرا فلم يعرفوه، ولكنه عرفهم، وطلب منهم أن يأتوا بأخيه بنيامين، وإن امتنعوا عن ذلك فلن يعطيهم المؤونة، فرجعوا إلى أبيهم ليقنعوه وأخبروه أن الوزير طلب جلب أخيهم ليعطيهم من المؤن، وطلبوا من أبيهم أن يأخذوا معهم بينامين لكنه رفض بداية عندما تذكر ما فعلوه بيوسف عليه السلام من قبل ثم فتشوا أمتعتهم ووجدوا أموالهم ومؤنهم موجودة، فأخبروا أباهم بذلك وبيّنوا أن أخذهم لأخيهم سيزيد من المؤن التي سيحصلون عليها، فقبل بعد ذلك، ورجع أخوة يوسف إلى مصر ودخلوا عليه ومعهم أخوه بنيامين.