الدكرورى يكتب عن نبي الله يوسف علية السلام ” جزء 2″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
نبي الله يوسف علية السلام ” جزء 2″
ونكمل الجزء الثانى مع نبي الله يوسف علية السلام، وتعد قصة نبى الله يوسف عليه السلام هي إحدى القصص القرآنية التي ذكرت أحداثها بالتفصيل حيث أنزل الله تعالى فيها سورة كاملة منفصلة تتحدث عن قصة نبي الله يوسف، وأبيه يعقوب عليهما السلام، وإخوته، ولقد كان لنبى الله يوسف عليه السلام مكانة كبيرة في قلب أبيه يعقوب عليه السلام، وقد حظي منه على حب كبير ظاهر، وقد جعل ذلك أخوته يحسدونه على ذلك الحب ودبّت في قلوبهم الغيرة منه، وقد جاء يوسف عليه السلام إلى أبيه وأخبره بأنه رأى في منامه الشمس والقمر، كما ورأى أحد عشر كوكبا يسجدون له، فأمره أبوه ألا يخبر إخوته بهذه الرؤيا خوفا عليه منهم، كون ذلك سيزيد من حقدهم عليه وغيرتهم منه، وقد تطور حقد وكره أخوة يوسف عليه السلام له.
حتى قرروا أن يتخلصوا منه وينفردوا بأبيهم ليصبح حبه لهم وحدهم، حيث رأوا أن حب والدهم ليوسف عليه السلام، وأخيه وتفضيلهما عنهم خطأ وليس من الرشد في شيئ فتشاوروا بينهم على الطريقة الأفضل للتخلص من يوسف عليه السلام دون أن يلومهم والدهم أو يعلم بفعلتهم فاقترحوا قتله فقال أحدهم أن إلقائه في البئر أفضل من قتله، وطلبوا من والدهم أن يسمح لهم باصطحاب يوسف معهم ليلعب، فرفض يعقوب عليه السلام ذلك بداية الأمر خوفا من أن يأكله الذئب وهم ساهون عنه، لكنهم أقنعوه ثم خرجوا به وفي نيتهم إلقاءه في البئر، ولما وصلوا ألقوه في البئر، ثم عادوا إلى أبيهم ليلا يمثلون له الحزن والبكاء على ما حصل ليوسف، وأخرجوا له قميص يوسف ملطخا بالدماء زاعمين أنه قد أكله الذئب، إلا أنّ يعقوب عليه السلام لم يصدقهم.
فبعد أن ألقاه أخوته في البئر، جلس يوسف عليه السلام هناك منتظرا رحمة الله تعالى وفرجه، حتى مرت مجموعة من المسافرين فألقوا دلوهم في البئر ليشربوا وحين أخرجوه خرج لهم يوسف عليه السلام، فاستبشر الرجل الذي رآه وتظاهروا بأنه بضاعة من بضاعته التي جلبوها، ورأوا أنهم يمتلكونه، وحين علم أخوة يوسف بأن هناك أناسا أخذوه، لحقوا بهم وبينوا لهم أن الغلام يعود إليهم؛ فشروه منهم ببضع دراهم، ثم باعوه لرجل من مصر، وقد كان وزيرا فيها، وقد ترعرع يوسف عليه السلام وكبر في بيت العزيز وزوجته، وحين بلغ أشده فقد حاولت امرأة العزيز فتنته وأرادت أن توقعه في الفاحشة، فراودته عن نفسه واستدرجته، لكن يوسف عليه السلام تذكر الله سبحانه وتعالى، وتذكر فضل العزيز عليه.
فقد اعتبر يوسف عليه السلام فعل ذلك خيانة وظلما لنفسه وظلما للعزيز الذي أكرمه وآواه في بيته، واستعاذ بالله تعالى من هذه الفتنة ولجأ إليه ليحصّنه منها، وهرع إلى الباب هربا منها ولكنها لحقته وأمسكت بقميصه من الخلف فانشق في يدها، وحينها ظهر زوجها فاشتكت يوسف عليه السلام إليه واتهمته بأنه يحاول أن يغويها، وقد وصل خبر إغواء امرأة العزيز ليوسف عليه السلام إلى نسوة المدينة، وبدأ الحديث يدور بينهن عما فعلت، وحين سمعت بما يدور بينهن أرادت أن تبين لهن سبب فعلتها تلك فقررت إعداد سفرة من الطعام ودعوتهن إليها، وحين جلسن أعطت كل واحدة منهن سكينا لاستخدامها في الأكل، ثم طلبت من يوسف عليه السلام أن يخرج عليهن، وحين ظهر ورأينه لم يصدقن أعينهن من جماله.
ومع ذهاب عقلهن في ذلك جرحن أيدين بالسكاكين التي معهن، ولم يصدقن أن هذا بشر وإنما هو ملاك، وقد وقفت متعذرة عما فعلته من مراودة يوسف عليه السلام عن نفسه، وبينت لهن أن جماله هو سبب فتنتها، وحين رأى يوسف عليه السلام ذلك دعا الله تعالى أن يخلصه وينجيه من فتنة النساء وقد قرر العزيز وبعض أهله أن يضعوا يوسف عليه السلام، في السجن على الرغم من علمهم ببراءته، وعزموا على أن يضعوه في السجن مدة من الزمن بنية رد التهمة عن امرأة العزيز وتجنبا لغوايتها به مرة أخرى، وقد دخل نبى الله يوسف عليه السلام السجن ظلما، وهناك التقى العديد من البشر، وقد اشتهر عنه فيما بينهم، بأنه شخص صالح، وصادق الحديث، وكثير العبادة، وكما أنه أمين ومحسن، ودخل في تلك الفترة فتيان.