الإيجابية منهج حياة
بقلم / محمد خيري
” لقد ميز الله سبحانه وتعالى الإنسان بنعمة العقل وكرمه بنعمة التأمل والتدبر والتفكير وميزه بذلك عن غيره من المخلوقات .
وينقسم التفكير لدي الإنسان الي تفكير إيجابي إبداعي وتفكير سلبي هدام ويجب أن ينظر الإنسان إلي النصف المملوء من الكوب ويتحلى بالتفكير الإيجابي الإبداعي.
ويعد التفكير من العوامل المهمة في حياة الإنسان فهو يساعد على تجاوز العقبات والتغلب على الصعوبات كما أنه يساعد الإنسان التحكم في أمور كثيرة في حياته والسيطرة عليها وتسييرها لصالحه ، فالتفكير عملية عقلية معرفية وجدانية راقية تقوم وتعتمد على محصلة العمليات العقلية كالتذكر والمقارنة والتمييز والتحليل وكذلك محصلة العمليات النفسية مثل الإبداع والإحساس والادراك ، ولا يمكن الاستغناء عن التفكير في عمليات اكتساب المعرفة وحل المشكلات التي تواجه الإنسان ، والتفكير في الإسلام عبادة تقوم سلوك المسلم لذلك اهتم القرآن الكريم والسنة النبوية بموضوع التدبر والتفكير في خلق الله فقال تعالى في كتابه الحكيم
” الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ” سورة آل عمران آية ١٩١ .
ويجب أن يوجه الإنسان تفكيره تجاه التفكير الإيجابي الذي يعرف بأنه الميل والرغبة في ممارسة سلوكيات وتصرفات تجعل حياة الفرد ناجحة فهو حالة ذهنية يمكن لأي شخص أن يكتسبها وتتطلب عقلاً واعياً مستعداً لتقبل الفرص والاحتمالات وهو رؤية منطقية للدراية بكيفية استخراج أفضل ما في الحياة وطرق الوصول لذلك .
والإيجابية هي الحفاظ على التوازن لإدراك جميع المشكلات التي تواجه الإنسان بالإضافة لكونه قدرة الإنسان على انتقاء الأفكار التي تشعره بالسعادة والأمل والتفاؤل وأن تستطيع انت أن تحول المحن دائماً إلى منح وتزيد الإيجابية من دوافع الإنسان للسعي نحو تحقيق أهدافه والتغلب على الصعوبات التي تواجهه..
وديننا الحنيف أساس الإيجابية فالاسلام دعا للايجابية وحث عليها فأمرنا ربنا بحسن الظن به فقال سبحانه وتعالى في سورة الزمر الآية رقم ٥٣ ” قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ”
وقال جل في علاه في سورةيوسف آية ٨٧ ” وَلَا تَيْئَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ”
وقال سبحانه في سورة آل عمران الآية ١٣٩ ” وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ” وقوله سبحانه في سورة المائدة ” وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ ”
فالروح القرانية روح مليئة بالايجابية والتفاؤل وكذلك روح السنة النبوية المطهرة فقد علمنا صلى الله على حضرته وآله وسلم الإيجابية وأمرنا بالتحلي بها وان نجعلها دستور حياتنا ونبراس تعاملاتنا ونهج تفكيرنا فقال ﷺ فيما رواه الإمام مسلم في صحيحه ” مَن دعا إلى هدًى كان له من الأجر مثل أجور مَن اتَّبعه إلى يوم القيامة، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، ومَن دعا إلى ضلالةٍ كان عليه من الإثم مثل آثام مَن اتَّبعه إلى يوم القيامة، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا ”
وقال ﷺ فيما رواه الشيخين ” المسلمُ من سَلِمَ المسلمونُ من لسانهِ ويَدِهِ، والمهاجرُ من هَجَرَ ما نهى اللهُ عنهُ
وقال ﷺ فيما رواه الإمام مسلم في صحيحه ” عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ ” .
وهناك الكثير والكثير من الآيات القرانية والعديد والعديد من الأحاديث النبوية التي تدعو إلى الإيجابية في التفكير وفي التعامل واتخاذها كأسلوب حياة والشخصية الإيجابية تؤمن دائماً بأنه ليس هناك مستحيل وأنه قادر على استغلال أي موقف وان كان سلبياً وتحقيق أقصى استفادة منه ومن سمات الشخصية المسلمة الإيجابيّة
الإيمان بالله عزّ وجل فالإيمان بالله هو أساس الطاقة الإيجابيّة؛ لأنّه يُخرج كلّ ما في القلب من طاقاتٍ سلبيَّةٍ وصفاتٍ سيِّئةٍ، ليحل محلّها كلّ ما فيه من سكينةٍ ورضًا.
العمل الصالح ويُقصد به عموم الأعمال الصالحة على اختلافها، الظاهرة والباطنة منها، وما كان منها متعلِّقًا بحقّ الله تعالى أو بحقّ العباد.
التواصي بالحقّ وهي صفةٌ تدفع الإنسان ليكون إيجابيًّا تُجاه غيره بأن يدعوه لما فيه خيرٌ ويعينه عليه.
التواصي بالصبر على طاعة الله وبها تتمثل معاني تماسك المجتمع وتعاضده؛ فالكل يتشاركون في فعل كلّ ما هو جميلٍ وإيجابيٍّ؛ ويتناهون عن كلّ ما هو سلبيٍّ ومكدِّرٍ للدين والحياة.
ومن صفات الشخصية أنه يتمتع الأفراد الإيجابيين بصحّة جيّدة وطاقة عقليّة قويّة تُساعدهم في جميع جوانب الحياة، وكما يتملكون الكثير من الصفات التي تُعزز موقفهم الإيجابي بالحياة وتحقق لهم السعادة، وأبرزها:
(١ )التفاؤل: لا يعني التفاؤل وليس معناه تجاهُل المشاكل أو الهروب منها؛ بل هو الاستعداد لبذل الجُهد في واغتنام الفرص والعمل على تحسين الأوضاع وحل المشكلات، ويتطلّعون لمستقبل أفضل يمكنهم تحقيقه بأفعال اليوم.
( ٢ ) القبول: وهو تقبُّل أخطائِهم ومواجهتها والتعلُّم منها بدلاً من توبيخ النفس.
( ٣ ) المرونة: تظهر مرونتهم في قدرتهم على التكيُّف مع الظروف المحيطة لهم بشكل جيد.
( ٤ ) الامتنان: ويكون بتخصيصهم وقت من يومهم للتفكير في الأمور الجيّدة في حياتهم وتقديرها والاستمتاع بها.
( ٥ ) الانضباط الذاتي: ويتمثّل في قدرتهم على التحكّم بأنفسهم، وبامتلاكهم القوة والإرادة لفعل الصواب.
( ٦ ) المحبة: لا يحبّون حمل الضغائن اتجاه الآخرين، ويفضّلون نشر الحب والإيجابية.
( ٧ ) محل ثقة: غالباً ما يكون الآخرين قادرين على الثقة بهم؛ لأنّهم يُثبتون أنّهم يستحقونها ويتواجدون دائماً عند الحاجة لهم.
( ٨ ) الأدب: مُهذّبين ومؤدبين في التعامُل مع الآخرين.
( ٩ ) الأصالة: لا يحبّون التظاهر بغير حقيقتهم أو إخفاء الجوانب السلبيّة من شخصياتهم؛ بل يحافظون على طبيعتهم أمام الآخرين.
( ١٠ ) التواضع: يتعاملون مع الآخرين بتواضع، ويثقون بأنّهم ليسوا أفضل من الآخرين.
( ١١ ) الاحترام : يؤمنون بأنّ جميع الأفراد يستحقون الاحترام بغض النظر عن عيوبهم.
( ١٢ ) الصدق: يعيشون حياة صادقة ولا يلجأون للكذب أبداً ولا يحبّونه.
( ١٣ ) اللطف: يتعاملون بلطف مع الآخرين ويراعون مشاعرهم.
( ١٤ ) الشجاعة: لا يسمحون لمخاوفهم أن تُعيقهم عن تنفيذ وتحقيق التزاماتهم وأهدافهم.
(١٥ ) الغفران: يسامحون من يُخطئ بحقهم أو يؤذيهم؛ إيماناً منهم بضرورة تخطّي الأحقاد والغضب.
( ١٦ )التعاطف: يتعاطفون بشدة مع الآخرين ويحاولون مساعدتهم في تخطي المصاعب والتخلّص من الحزن.
( ١٧ ) الولاء: مخلصين للمقرّبين منهم بشدة، ولا يتخلّون عنهم بسهولة.
ونحن في هذه الأيام أحوج ما يكون للتحلي بالايجابية وجعل التفكير الايجابي منهج حياة نسير على خطاه كما نحتاج أن نتصف ونتسم بصفات وسمات الشخصية الإيجابية في حركاتنا وسكناتنا في اقامتنا وترحالنا في سراءنا وضراءنا في تعاملاتنا وتصرفاتنا لعلنا نهتدي ونرشد الي ضالتنا ونصل لغايتنا ونحقق مبتغانا.