عندما اصبح السادات منبوذاً.
عندما اصبح السادات منبوذاً.
بقلم أ/ احمد حسن زكي
في ٩ نوفمبر عام ١٩٧٧ ذهب الرئيس السادات الي مقر مجلس الشعب آن ذاك والقي خطابا لم يكن الجميع علي استعداد الي سماعه ولم يتخيل لأحد ما وصل اليه الرئيس الشهيد من فكر سبق حقبته الزمنية بسنوات والذي لم يستوعبه الكثير من القادة العرب في هذا الوقت وكذلك اصحاب الرؤي ضيقة الافق من السياسيين المصريين عندما اذاع السادات خبر زيارته الي اسرائيل اذا استدعي الامر ذلك ليحقن به دماء المصريين ويجنبهم ويلات الحروب وهو يقولها بصوت المنتصر عزيز النفس لا كونه ضعيف خاضع لأوامر فرضت عليه من احد واري هذا هو المخزي والمضمون والذي اعطي للرئيس دفعة قوية تجاة تلك الخطوة التي لم تكن في حسبان الحلفاء قبل الاعداء.
كانت بعض الدول العربية في هذا الوقت تنتظر دور مصر في اتخاذ قرارات اخري بمحاربة اسرائيل للنهاية وحدها او بدعم غير معلن من بعضهم دون النظر الي الخسائر التي سوف تتكبدها مصر سواء من دماء ابنائها او خسائر اقتصادية لا حصر لها ولكن حكمة السادات انهت تلك الطموحات بمعاهدة السلام كامب ديفيد ١٩٧٩ والتي اراها العنصر الاساسي في مقتل الشهيد انور السادات بعد ان تفرغ للعمران ودفع عجلة الانتاج والتنمية الاقتصادية التي كان يحلم بها كل مصري في مناخ يسودة الامن والسلام.
جاء موقف الدول العربية ساخطا علي تلك المعاهدة التي وصفها البعض بالخيانة والغدر ونالت الاتهامات بالخيانة ايضاً الرئيس انور السادات وكل من تحالف لدعم قضية كامب ديفيد حتي اعلنت بعض الدول العربية في هذا الوقت مقاطعة مصر وتم سحب عضوية مصر من جامعة الدول العربية والغاء مقرها في القاهرة وتعيين رئيسا لها لأول مرة من دولة اخري تأكيدا علي المقاطعة من كل النواحي ووقف الدعم الخاص لمصر من قبل بعض الدول العربية التي كانت تساعد مصر للتقوية جيشها لمقاومة الجيش الاسرائيلي ودعم الدول الغربية له.
لم ييأس هذا الزعيم الملهم انور السادات بل ظل متماسكاً بما يحلم به الي ان عادت ارض سيناء الحبيبة الي احضان مصر مرة اخري ليخرج بمصر من دائرة الصراعات والحروب الي يومنا هذا وجنب مصر وأبنائها تداعيات الحروب واتجه نحو بناء الدولة الحديثة الي ان سلم الراية لجيل جديد من ابناء ملحمة أكتوبر ليكملوا مسيرة البناء والتنمية.
هؤلاء رجال حملوا القضية علي عاتقهم واصبحوا قدوة لكل الاجيال التي تتبعهم والذي يتطلب منا ان نعي جيدا لما بذلوه من تضحيات وتأدية الرسالة التي عاشوا من أجلها رغم تحديات كبيرة ولكن كان الهدف أمامهم واضحا جلياً نعم سوف يظل السادات رمزا يدرس علي مر العصور بحنكته ودهائة السياسي وبراعته في التفاوض ورؤيته المستقبلة الثاقبة.
ان كنت قد اوقعت الظروف المحيطة بأن تكون منبوذاً لتحقيق هدف او الابقاء علي موقف معين خارج حسابات الاخرين قد تجد من يساند ومن يهرب ومن يتخذ موقف المحايد لكن يبقى قرارك بالنهاية سواء بالانسحاب او ان تكمل ما تؤمن به وتحقيق ما تريده من اهداف فالمكسب للجميع والخسارة لك وحدك.