الدكروى يكتب عن نبي الله زكريا علية السلام ” جزء 6″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
نبي الله زكريا علية السلام ” جزء 6″
ونكمل الجزء السادس مع نبي الله زكريا علية السلام، فسأل الذي أحسن إليه سابقا أن يتمم إحسانه عليه لاحقا، وجمع بين نوعين من التوسل، وهما التوسل إلى الله ببيان حال الضعف والعجز، والتوسل إلى الله بأفعال الله وصفاته سبحانه وتفضله، وإنعامه، وشكى حاله، وقال ” وإنى خفت الموالى من ورائى ” أى بمعنى خفت من يتولى بعدي على بني إسرائيل، ألا يقوم بدينك حق القيام، وألا يدعو عبادك إليك، ونبى الله زكريا عليه السلام قد نظر فيمن ترك من حوله فما رأى رجلا يقوم بالأمر قياما قويا، ما رأى شخصية تحمل الدين حملا يتم به المقصود، فقال رب إنى خفت الموالى من ورائى ” وهم الذين أتركهم من بعدي ضعاف، أريد وليا، أريد قويا، أريد ولدا، أريد ذرية تقوم بعدي بالدين
أنا قمت في بني إسرائيل لكن إذا مت ما أرى بعدي أحد مؤهل، وأسألك ولدا مؤهل، أن يقوم بالدين من بعدي، يرثني ليس يرث المال، وإنما يرث العلم والنبوة، فقال ” يرثنى ويرث من آل يعقوب ” أى ميراث العلم والعمل، ويلي أمر الدين، ويقوم به فسأل الله ولدا ذكرا صالحا باقيا، يبقى بعد موته، يكون وليا من بعده نبيا، مرضيا، صالحا، فقال كما جاء فى سورة الأنبياء ” وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرنى فردا وأنت خير الوارثين ” أى رب لا تذرنى فردا وحيدا ليس لي عقب، رب لا تذرنى عقيما أبتر لا ولد له، ومع أن النبي يكفيه أن يتبعه من تبعه من الناس، وعلم الخير، ونشر الدين، لكنه أيضا يريد أن يكون له ذرية تستمر على نفس الطريق، وتقوم بالأمر من بعده، لأنه رأى نبى الله إبراهيم.
وبعده إسماعيل عليهما السلام، وكذلك رأى نبى الله إسحاق ووراءه يعقوب عليهما السلام، وكذلك رأى نبى الله يعقوب وراءه يوسف عليهما السلام، ورأى نبى الله داود ووراءه سليمان عليهما السلام، فهو رأى أنبياء لهم أولاد قاموا بالأمر من بعده، فيريد نبى الله زكريا عليه السلام مثل هذا، فهو يريد من يعينه على الدعوة والدين، إذا زكريا طلب الولد كما قلنا سابقا طلب الولد ليس للدنيا، ما قال أريد ولدا يعطف عليّ إذا كبرت، وينفق عليّ إذا عجزت عن الكسب، واستعين به في أمور دنياني، ويخدمني إذا مرضت، يريد ولد يقوم بأمر الدين معه، ميراث النبوة والعلم، لم يطلبه لينال به حظا من الدنيا، وهذه علو الهمة في طلب الولد، أنه يريد ولدا عالما داعيا مجاهدا، كما كان في قصة نبى الله سليمان عليه السلام.
أراد أن يطوف على نسائه، لكي تأتي كل امرأة بمجاهد في سبيل الله، وهذا هو علو الهمة في طلب الأولاد، مجاهدين، وكذلك قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ” إنا معشر الأنبياء لا نورث” رواه أحمد، وقال أيضا صلى الله عليه وسلم” لا نورث ما تركنا فهو صدقة” رواه مسلم، أي شيء تركناه لبيت المال، لا يأخذ أولادنا شيئا منه، إذا الأنبياء لا يورثون، كيف تكون الوراثة إذا، لأنه في الآية قال ” يرثنى ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا ” وهو إنا معشر الأنبياء لا نورث من جهة المال، ما لنا ميراث، لو مات نبي وله مال لا تقسم تركته على أولاده وزوجاته، ماله للمسلمين، لبيت المال، وقول زكريا أن يرث العلم من بعدى، ويرث النبوة من بعدي، ويرث قيادة بني إسرائيل من بعدي.
وكذلك قوله تعالى كما جاء فى سورة النمل ” وورث سليمان داود ” ليس معناه ورث عنه المال، وإنما وراثة النبوة، فنبى الله يحيى جاء بعد زكريا عليهما السلام، وورث النبوة، ولكن لماذا لا يورث الأنبياء؟ وهو لأن الله تعالى بعثهم مبلغين، وأمرهم ألا يأخذوا أجرا، فهو سبحانه وتعالى القائل فى سورة الأنعام ” قل لا أسألكم عليه أجرا ” وقال تعالى فى سورة الشعراء ” وما أسألكم عليه من أجر ” فلئلا يظن الناس أن الأنبياء يجمعون المال لأولادهم، فسبحانه وتعالى قطع الطريق على من يظن أن الأنبياء يجمعون الأموال، أو يريدون أولادهم بها، وكان لما حصل هذا النداء من نبى الله زكريا عليه السلام كما جاء فى سورة آل عمران” فنادته الملائكة وهو قائم يصلى فى المحراب أن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين “