الدكروى يكتب عن نبي الله زكريا علية السلام ” جزء 3″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
نبي الله زكريا علية السلام ” جزء 3″
ونكمل الجزء الثالث مع نبي الله زكريا علية السلام، وزكريا هو أبو النبى يحيى عليهما السلام، وجاء عند المؤرخين أنّه عاش في دمشق، وأنه كان فيها عندما قتل ابنه يحيى، وكان يأكل من كسب يده، فقد عمل نجارا، وعُرف عنه أنه كان يمتهن النجارة بيده، وقد ورد عن الإمام القرطبي أن العلاقة التي تربط نبى الله زكريا عليه السلام بالسيدة العذراء بمريم عليها السلام كانت من جهة زواجه بخالتها فنبى الله زكريا هو زوج خالة السيدة مريم، وفي قول آخر أنه زوج أختها، وعند القتبي أن امرأة زكريا عليه السلام اسمها إيشاع بنت عمران، وبناء على هذا القول فإن يحيى ابن خالة عيسى عليه السلام، وعندما بلغ زكريا عليه السلام عمرا كبيرا حدثت معه عدة أحداث، منها بعد أن رأى زكريا عليه السلام نفسه.
وقد بلغ به العمر مبلغا كبيرا، واشتعل رأسه من كثره الشيب، وتذكر أن امرأته عاقر ولم تنجب له مولودا، فأحس بالخوف على اندثار الشريعة وفساد الناس، وأصابه الهم من أن يترك الدنيا دون ولي يرث عنه الحكمة التي وهبها الله تعالى له فتوجه إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء بأن يرزقه الولد ليرث عنه النبوة والشريعة، وإن الذي زاد من حماس زكريا عليه السلام ورجاءه بالله تعالى، ذهابه ذات يوم إلى المعبد، فوجد مريم عليها السلام معتكفة في محرابها، تناجي ربها، ورأى عندها في المحراب ما شد انتباهه، حيث رأى بين يديها فاكهة الصيف في وقت الشتاء، وعندما سألها عن سر ذلك، أخبرته أن هذا رزق من الله بغير حساب، وهنا يقول الله تعالى
” كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب ” ولقد أثارت رؤية السيدة مريم عليها السلام عند محرابها شجونا كثيرة في نفس زكريا عليه السلام، وتعمق إيمانه بالله تعالى بعد أن رأى عجائب قدرة الله تعالى مع مريم عليها السلام فدعا ربه بأن يهبه الولد رغم غياب الأسباب الظاهرة فهو طاعن في السن، وزوجته عاقر، وتوجه بقلب مخبت إلى الله تعالى قائلا ” رب هب لى من لدنك ذرية طيبه إنك سميع الدعاء ” وكما جاء في سورة الأنبياء قال الله تعالى عن زكريا عليه السلام ” وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرنى فردا وأنت خير الوارثين ” ثم جاءت البِشارة الإلهية عن طريق الملائكة تبشر زكريا بإجابة دعائه.
حيث يقول الله تعالى ” يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا ” وكان هذا المشهد من حياة نبي الله زكريا عليه السلام الذي خلده القرآن الكريم تأكيدا على أن قدرة الله تعالى لا تقاس بالأسباب، ولا تفرضها القوانين، وإن أمر الله تعالى لا يحتاج إلى توفّر مقدمات ومتطلبات، وهكذا فقد كان نبي الله زكريا عليه السلام نجارا، يقوم بنشارة الخشب وعملها، فقد ورد عن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال “كان زكرياء نجارا” حيث كان يكسب قوته بعمل يده، وهذا هو سلوك أنبياء الله ورسله، وفي ذلك دلالة هامة على أن العمل واحتراف المهن لا ينقص أحدا، و تأكيدا على ذلك كان زكريا يعمل و يأخذ الأجرة في المقابل، فهو أفضل من سؤال الناس.
العمل من الأخلاق العظيمة التي تقترن بها العفة والرفعة عن الخضوع والذل للغير، فيكون قوت اليوم من عمل اليد وكسبها، ومن الجدير بالذكر أن النبي زكريا عليه السلام هو زوج خالة مريم بنت عمران، وقد كفلها بعد وفاة والدها وهي صغيرة، في حين كان الله عز وجل كافلها ورازقها وهي المباركة العظيمة، فكان كلما دخل عليها المحراب يجد عندها الطعام الكثير، فيسألها من أين لك هذا الطعام، فترد عليه قائلة أنه من عند الله، وقبيل ميلاد السيد المسيح عيسى عليه السلام، كان زكريا من كبار الربانيين الذين كانوا يخدمون الهيكل، وكان عمران والد السيدة مريم، إمامهم ورئيسهم، والكاهن الأكبر فيهم، كما كانت حنة زوجته، خالة إليصابات زوجة زكريا، وقد استجاب الله لدعاء عمران وحنة، بعد أن لبثت حنة عاقرا ثلاثين سنة.