الدكروى يكتب عن نبي الله زكريا علية السلام ” جزء 2″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
نبي الله زكريا علية السلام ” جزء 2″
ونكمل الجزء الثانى مع نبي الله زكريا علية السلام، وقد بعث نبيّا في بني إسرائيل، بدعوة التوحيد، وعبادة الله سبحانه، وترك ما دون ذلك، في وقت كثر فيه إفسادهم وكفرهم، وانتشر الفسوق، والظلم والمنكر بعمومه بينهم، فقد كان ملوك بني إسرائيل حينها كفرة وفجرة، ملؤوا بغضا للدين وأهله، فتسلطوا على الأتقياء الصالحين، قتلا وظلما، وقد طال زكريا عليه السلام، من بلائهم حين أمر الملك هيرودس بقتل يحيى بن زكريا عليه السلام، إرضاء لعشيقته، وقد عايش نبى الله زكريا عليه السلام، انتشار القتل، والظلم في بني إسرائيل، وكان الله تعالى، قد قدّر لحكمة يعلمها ألا يرزق زكريا بالولد، فلما أحس أن الكبر قد تغشاه، وأنه وحيد ليس حوله من يقيم الدين معه، أو يخلفه فيه توجه لله سبحانه وتعالى بالدعاء.
فقال الله عز وجل ” وإنى خفت الموالى من ورائى وكانت امرأتى عاقرا فهب لى من لدنك وليا، يرثنى ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا ” فاستجاب الله تعالى دعوته بأن جعله يكفل السيدة مريم عليها السلام، أولا، ثم بُشّر بأن زوجته حامل، وسيكون له ولد بإذن الله تعالى، ولقد بلغ نبى الله زكريا عليه السلام، مرحلة الضعف والشيب كما وصف في دعائه لله سبحانه، لكنه بالرغم من ذلك لم ييأس من قدرة الله سبحانه وتعالى، وفضله عليه بأن يرزقه الولد رغم ظروفه، وكان لكفالته مريم عليها السلام، سبب إضافي لذلك اليقين، فنبى الله زكريا حين كفل السيدة العذراء مريم عليهما السلام، رأى لها من الكرامات الشيء العظيم، فقد كان يدخل عندها فيجد أمامها فاكهة الصيف في الشتاء، وفاكهة الشتاء في الصيف، تفضلا من الله وكرامة.
فزاد هذا من يقينه، ورغبته في أن يكرمه الله تعالى بالولد، بالرغم من أن زوجته عاقر لا تلد، وقد كبر هو كذلك، فأجاب الله سبحانه وتعالى، دعوة نبيه زكريا عليه السلام، فبشره بأن سيكون له ولد، اسمه يحيى، حيث قال الله تعالى ” يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا ” ففوجئ زكريا عليه السلام، بالخبر، بالرغم من أنه كان متوجه لله سبحانه وتعالى بالدعاء، فطلب أن يجعل الله له آية لهذه البشارة، ودليلا على وجود الحمل، فكانت آيته السكوت، فلا ينطق ثلاثة أيام بالرغم من اعتدال مزاجه، ومعاشرته للناس، وقد قيل إنه كان يستطع ذكر الله تعالى فقط، ولا يكلم الناس، ولقد كان من تمام نعمة الله تعالى على نبيه زكريا عليه السلام أن جعل ابنه يحيى صديقا، نبيّا، بارا بوالديه، وآتاه الله تعالى الكتاب.
والحكم به صبيّا، حتى جاءه صبيان يريدون اللعب معه وهو فتى، فقال لهم ما للعب خلقنا، وكان من النعم التي حباه الله تعالى إياها أيضا في قول الله تعالى ” وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا ” فكان يحيى عليه السلام، رحيما بوالديه، مشفقا عليهما، بارا بهما، كما قال الله تعالى أيضا “وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا ” فكان الله عز وجل، قد سلم عليه بنفسه، فرفع شأنه، وعلى قدره في الدنيا والآخرة، وكانت أم السيدة العذراء مريم عليها السلام، زوجة عمران، امرأة صالحة، تقية، لكنها كانت لا تنجب، وطال الوقت ولم ترزق بولد، فنذرت لله تعالى إن أعطاها ولدا أن تجعله خادما لبيت المقدس، وعابدا لله تعالى، فما هو إلا وقت قصير حتى أجاب الله تعالى رجاءها ودعاءها، وبشرها بحملها، لكنها عندما وضعت المولود كان أنثى، فحارت فيها كيف لها أن تكون خادمة للدين.
وعابدة لله وهي أنثى، إلا أنها أوفت بنذرها، وأخذت مريم عليها السلام إلى بيت المقدس، لتجد من يكفلها، فاقترع الصالحون من بني إسرائيل لكفالة مريم عليها السلام، حبّا بوالدها الذي كان صالحا تقيا من علماء بني إسرائيل، فخرج سهم زكريا عليه السلام، وكان زوج خالتها، فكفلها، وأحسن تربيتها، وأدبها، وأسكنها في محرابه، وأوصلها إلى عبادة الله تعالى، وحده، التي ترضيه عنها، ولقد زخرت سيرة النبي زكريا عليه السلام بعدة أحداث منها هو نسب النبى زكريا وعمله حيث ينسب زكريا عليه السلام إلى بني إسرائيل، وقد اختلف في اسم أبيه بين حنا ودان وأدن، ويصل نسبه إلى نبي الله سليمان بن داود، وزكريا هو أبو النبى يحيى عليهما السلام، وجاء عند المؤرخين أنّه عاش في دمشق، وأنه كان فيها عندما قتل ابنه يحيى.