منهج الأئمة في العمل بالضعيف ..بلوغ المرام نموزجا
كتب د : محمود علي سرور
عند النظر في صنيع الأئمة في مسألة العمل بالضعيف نجد أن هناك ضوابط شديدة اعتمدها الأئمة في هذه المسألة، وأهمها ثلاثة ضوابط:
الضابط الأول: النظر في درجة الضعف:
فلم يأخذ الأئمة بالحديث شديد الضعف أو الموضوع مطلقا في الأعمال- فضلا عن العقائد والأحكام- وهذه قاعدة عامة.
من هنا نعلم أنهم أخذوا بالضعيف بسبب سوء حفظ أو وهم أو غفلة، وغيره مما يتعلق بالضبط، أما شديد الضعف أو الموضوع فلا.
الضابط الثاني: ألا يوجد في الباب صحيح:
فعمل بعض الأئمة بالضعيف في فضائل الأعمال كان فيما ضاق فيه الباب بحيث يروق للإمام منهم الأخذ بالحديث الضعيف الذي خف ضعفه، اعتقادا منه أن الأخذ بالضعيف – ضعفا يسيرا – في عمل ثابت أولى من تركه.
لكنهم لم يجمعوا الضعيف في الباب ويبحثوا عنه ليعملوا به ويبنوا عليه أحكاما ابتداء.
الضابط الثالث: أن يكون أصل العمل ثابتا:
الأئمة يأخذون بالأحاديث الضعيفة ضعفا يسيرا والتى فيها زيادة في الأعمال الذي له أصل ثابت في القرآن أو في صحيح السنة، وذلك رغبة في الأجر من وراء هذه الزيادة.
لكنهم لم يبنوا -أبدا- حكما فقهيا بناء على حديث ضعيف، حتى ولو كان الضعف فيه يسيرا ولم يوجد غيره في الباب، هذا ليس من صنيعهم رحمهم الله.
أن كل الكتب التى تعتمد هذا القول -أي: العمل بالضعيف في فضائل الأعمال- تسير على نفس المنهج، وأقرب مثال على ذلك صنيع الحافظ ابن حجر في كتابه الماتع ( بلوغ المرام) فهو أوضح مثال لبيان تلك المنهجية.
فعند استقراء الأحاديث الضعيفة التى ذكرها الحافظ في جميع أبواب الكتاب – لا سيما العبادات- نجد أنها لا تكاد تخرج عن هذا، ولا يتسع المقام في مثل هذا المقال لذكر النمازج وشرحها، وخروج بعض الأئمة عن هذه المنهجية نادر جدا لا يذكر لأنه خروج عن الأصل المنهج.
تنبيه:
لا يجوز أن يرمى الإمام أو العالم الذي يسير على هذا القول بهذه المنهجية بالتساهل في الأحكام، وإلا فقد وجهنا الطعن لعشرات بل مئات الأئمة والعلماء قديمة وحديثا.
والله أعلم.