أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

الرسول في غزوة بنى النضير “جزء 2”

الدكرورى يكتب عن الرسول في غزوة بنى النضير “جزء 2”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

الرسول في غزوة بنى النضير “جزء 2”

ونكمل الجزء الثانى مع الرسول في غزوة بنى النضير، ومن الآثار الدالة على ذلك هو أن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، سُئل عن أشياء كرهها، فلما أكثر عليه غضب، ثم قال للناس “سلوني عما شئتم” فقال رجل، مَن أبي؟ قال “أبوك حذافة” فقام آخر فقال من أبي يا رسول الله؟ فقال “أبوك سالم مولى شيبة” فلما رأى عمر بن الخطاب، ما في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال يا رسول الله إنا نتوب إلى الله عز وجل، وفي رواية عند البخاري في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل يقول “سلوني ما شئتم” فبرك عمر بن الخطاب، على ركبتيه وجعل يقول “رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا” فسكت النبي صلى الله عليه وسلم، ولما حُضر النبي صلى الله عليه وسلم ودنا أجله.

قال “هلم أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده” وكان عنده رجال فيهم عمر بن الخطاب، فقال عمر رضي الله عنه، إن النبي صلى الله عليه وسلم قد غلب عليه الوجع، وعندكم القرآن، حسبنا كتاب ربنا، ودخل عمر رضي الله عنه على النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وهو على حصير، وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف، قال فرأيت أثر الحصير في جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبكيت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما يبكيك؟” فقلت يا رسول الله، إن كسرى وقيصر فيما هما فيه، وأنت رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم “أما ترضى أن تكون لهما الدنيا ولك الآخرة” وإن المتأمل في السيرة النبوية والمتتبع للتاريخ يدرك مدى غدر اليهود وخيانتهم وشدة عدائهم للإسلام والمسلمين.

وتلك حقيقة تاريخية صدّقها الواقع إلى يومنا هذا، وقد وصفهم الله بقوله فى كتابة الكريم فى سورة النساء “فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق” وإن من المعلوم من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم أنه بعد هجرته للمدينة المنورة وادع اليهود فيها، وعاهدهم بميثاق بين فيه ما لهم من الحقوق وما عليهم من الواجبات، وكان من بين بنود ذلك الميثاق، هو أن للمسلمين دينهم، ولليهود دينهم، وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة، وأن بينهم النصح والنصيحة والبر دون الإثم، وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين، وقد التزم النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه بهذا العهد والميثاق، لأن من دينهم وشيمتهم الوفاء والأمانة.

ولكن اليهود وهى كعادتهم، قد نقضوا العهد قبيلة قبيلة، ومن ذلك ما حدث مع يهود بني النضير، والذي كان من أهميته أن تحدث عنه القرآن الكريم في سورة كاملة، وهي سورة الحشر، حتى سمّى عبد الله بن عباس رضي الله عنه سورة الحشر بسورة بني النضير، فعن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال ” قلت لابن عباس رضي الله عنه، سورة الحشر، قال، قل سورة بني النضير” رواه البخاري، وقال ابن كثير في تفسيره لسورة الحشر “كان ابن عباس يقول سورة بني النضير” وقد بينت سورة الحشر أحداث هذه الغزوة، وفصّلت القول فيها، ووصف الله فيها طرد اليهود، وفضح مسلك المنافقين، وبين أحكام الفيء، وأثنى على المهاجرين والأنصار، وبين جواز القطع والحرق في أرض العدو للمصالح الحربية.

وأن ذلك ليس من الفساد في الأرض، وأوصي المؤمنين بالتزام التقوى والاستعداد للآخرة، ثم ختمها بالثناء على نفسه وبيان أسمائه وصفاته، وهكذا كان المجتمع المسلم يتربى على التوحيد، وتعظيم منهج الله، والاستعداد ليوم القيامة من خلال القرآن الكريم وأحداث السيرة النبوية المشرفة، وأما عن غزوة بني النضير فهى غزوة حدثت في السنة الرابعة للهجرة في شهر ربيع الأول في منازل بني النضير جنوب المدينة المنورة بين قوات المسلمين في المدينة ويهود بني النضير الذين بلغ عددهم ألف وخمسمائة يهودى، وكانت من أسباب غزوة بني النضير، هو التآمر الحاصل بين أفراد من قبيلة بني النضير لقتل النبي صلى الله عليه وسلم.