أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

السيدة صفية بنت حيى “جزء 6”

الدكرورى يكتب عن السيدة صفية بنت حيى “جزء 6”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

السيدة صفية بنت حيى “جزء 6”

ونكمل الجزء السادس مع السيدة صفية بنت حيى،ومن مواقفها الدالة على حلمها وعقلها، ما ذكرته كتب السير من أن جارية لها أتت عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقالت إن صفية تحب السبت، وتصل اليهود، فبعث عمر يسألها، فقالت أما السبت فلم أحبه منذ أبدلني الله تعالى به الجمعة، وأما اليهود فإن لي فيهم رحما فأنا أصلها، ثم قالت للجارية ما حملك على ما صنعت؟ قالت الشيطان، قالت اذهبي فأنت حرة، ولم تكن رضي الله عنها تدخر جهدا في النصح وهداية الناس، ووعظهم وتذكيرهم بالله عز وجل، ومن ذلك أن نفرا اجتمعوا في حجرتها، يذكرون الله تعالى ويتلون القرآن، حتى تليت آية كريمة فيها موضع سجدة، فسجدوا، فنادتهم من وراء حجاب قائلة.

هذا السجود وتلاوة القرآن، فأين البكاء ؟ وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ظلَت السيدة صفية رضي الله عنها متعهِدة له ولسنته، وقد كانت رضي الله عنها، حليمة عاقلة فاضلة، ولقد عاشت رضي الله عنها، بعد رحيل المصطفى صلى الله عليه وسلم، على منهاجه وظلت متمسكة بهديه صلى الله عليه وسلم، حتى لَقيت ربها، وقد كان لها أروع المواقف في وقوفها، مع ثالث الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان رضى الله عنه، في وجه الفتنة الهوجاء التي لقيها المسلمون في تلك الآونة، فعن كنانة قال كنت أقود بصفية لتردَّ عن عثمان بن عفان، فلقيها الأشتر، فضرب وجه بغلتها حتى مالت، فقالت “ردُونى لا يفضحني هذا” ثم وضعت خشبا من منزلها ومنزل عثمان بن عفان.

تنقل عليه الماء والطعام، فما أروعه من موقف لأم المؤمنين صفية رضي الله عنها، فقد عبَّرت به عن عدم رضاها لما حدث مع عثمان بن عفان رضى الله عنه، فقد حاصروا بيته ومنعوا عنه الماء والطعام، فرأت رضي الله عنها، أن تقف معه في محنته، وتكون عونا له في شدته، وهي رضي الله عنها، لم تألُ جهدا في الولاء لعثمان بن عفان رضى الله عنه، الذي اختاره الناس أميرا للمؤمنين، وموقفها هذا يُشير إلى صدق إسلامها ورغبتها في رأب الصدع الذي حدث بين المسلمين، وكراهتها لشقِ عصا الطاعة على أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضى الله عنه وقد روت السيده صفيه رضى الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وروى عنها ابن أخيها، ومولياها كنانة، ويزيد بن معتب، وعلى بن الحسين بن على، ومسلم بن صفوان، وإسحاق بن عبد الله بن الحارث، ولقد عايشت رضي الله عنها عهد الخلفاء الراشدين، حتى أدركت زمن معاوية بن أبى سفيان رضي الله عنه، ثم كان موعدها مع الرفيق الأعلى سنة خمسين للهجرة، لتختم حياة قضتها في رحاب العبادة، دون أن تنسى معاني الأخوة والمحبة التي انعقدت بينها وبين رفيقاتها على الدرب، موصية بألف دينار للسيده عائشة بنت الصديق رضي الله عنهما، وقد دفنت بالبقيع، فرضي الله عنها وعن سائر أمهات المؤمنين وتوفيت أم المؤمنين السيدة صفية رضي الله عنها، فى زمن خلافة معاوية بن أبي سفيان، في شهر رمضان، من سنة خمسين للهجرة النبوية، وصلى عليها مروان بن الحكم، ودُفنت في البقيع.