الدكرورى يكتب عن الرسول في غزوة الكدر “جزء 4”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
الرسول في غزوة الكدر “جزء 4″ونكمل الجزء الرابع مع الرسول في غزوة الكدر، وعن إبراهيم بن حويصة عن أبيه قال، بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية مع غالب بن عبد الله إلى بني مرة فأغرنا عليهم من الصبح وقد أوعز إلينا أميرنا وهو غالب بن عبد الله أن لا نفترق وآخى بيننا فقال لا تعصوني فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” من أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصاه فقد عصاني ” وإنكم متى ما تعصوني فإنكم تعصون نبيكم، وقال ابن منده وأبو نعيم وأبو عمر أنه شهد فتح مكة وسهل لهم الطريق, وقال ابن الكلبي إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه إلى بني مرة بفدك فاستشهد دون فدك، وكان القرقرة هى أرض ملساء والكدر.
هو طير في ألوانها كدرة عرف بها ذلك الموضع وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يذكر مسيره مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، في تلك الغزوة فقال لعمران بن سوادة حين قال له إن رعيتك تشكو منك عنف السياق وقهر الرعية فدقر على الدرة وجعل يمسح سيورها، ثم قال قد كنت زميل رسول الله صلى الله عليه وسلم في قرقرة الكدر، فكنت أرتع فأشبع وأسقي فأروي، وأكثر الزجر وأقل الضرب وأرد العنود وأزجر العروض واضم اللفوت وأشهر العصا، وأضرب باليد ولولا ذلك لأغذرت بعض ما أسوق، أي لضيعت فتركت، وهو يذكر حسن سياسته فيما ولي من ذلك، وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يذكر مسيره مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، في تلك الغزوة.
وهكذا عاشت وماتت الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم أجمعين فمنذ نهاية عصر الفاروق عمر رضى الله رضى الله عنه، فقد بدت ملامح التغير في المجتمع المسلم واضحة للعيان، فقد اتسعت الفتوح، وفاض المال بأيدي المسلمين الذين كثروا، ودخل فيهم عناصر جديدة كثيرة من أهل البلاد المفتوحة التى مثَّلت الأغلبية خلال سنوات معدودة، وكانت هذه الغالبية منها من كان مخلصا لله سبحانه وتعالى في إسلامه، ومنها من كان موتورا يريد الانتقام من الإسلام الذي هدم ديانته، وقضى على دولته، كما كان حال بعض اليهود والفرس، وكما ساد الميل إلى الدنيا في نفوس كثير من المسلمين، فركن بعضهم إلى الدنيا وزينتها، وما كانت تلك المستجدات لتمر على عبقري ملهم كعمر بن الخطاب رضى الله عنه.
الذي تعب من معاناته مع هؤلاء الداخلين حديثا، ومع المتآمرين، ومع المائلين للدنيا، فقد مدَّ يديه إلى السماء، ودعا الله عز وجل قائلا “اللهم كبُرت سني، وضعفت قوتي، وانتشرت رعيتي، فاقبضني إليك غير مضيِّع ولا مفرط” وتغيرت الأحوال، وأسوأ من ذلك هو تغير النفوس، مما جعل أمير المؤمنين عثمان رضى الله عنه في مأزق، فقد حكم قوما غير من كان عمر رضى الله عنه يحكمهم في بداية خلافته، فقد كان عمر رضى الله عنه يحكم الصحابة، أما عثمان رضى الله عنه فكان أغلب رعيته ممن لم يروا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يتأدبوا بأدبه، ومنهم من غرَّته الدنيا، واستولت على قلبه، وغرق في بحار أموال الفتوحات، وكان لا بد من حدوث الفتنة، التى أخبر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يثني على أصحابه إظهارا لفضلهم وعلو قدرهم، فنجده صلى الله عليه وسلم، يعامل أصحابه معاملة تدل على حُبِه لهم جميعا وكأنه صلى الله عليه وسلم، يخص كل صحابي بحب خاص يختلف عن باقي أصحابه، فنجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، يصف أصحابه بصفات تعزز من الألفة والتقارب بينه وبينهم، فيصف الزبير بن العوام رضى الله عنه بأنه، حواريه، فقال صلى الله عليه وسلم ” الزبير ابن عمتى وحوارى من أمتى ” رواه أحمد، أي أنه ناصري وخاصتي من أصحابي، ويصف أبا بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضى الله عنهما، بأنهما، وزيراه، فقال صلى الله عليه وسلم ” وأما وزيراى من أهل الأرض فأبو بكر وعمر” رواه الترمذي، وجعل حذيفة رضى الله عنه، كاتم سره.