الفساد واثره على نهوض اقتصاديات دولنا العربية
بقلم: طراد علي بن سرحان الرويس
ان من اهم المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها العديد من دول العالم ومنها دولنا العربية هي الفساد وإن اختلف حجمه وآثاره، حيث أن الفساد ليس وليد هذا العصر وانما هو منذ ازل بعيد، إلا أنه اتسع نطاقه خلال السنوات الماضية الأخيرة خصوصاً في العديد من دولنا العربية مما دفع انظمتها إلى بحث أسبابه وآثاره وطرق علاجه لمحاربته والقضاء عليه.
ويعرف الفساد على انه اساءة استخدام نفوذ المنصب العام والسلطة، واساءة استخدام الموارد العامة بغرض تحقيق المنفعة الخاصة والمكاسب الشخصية، ومن اهم الاسباب الرئيسية في انتشاره هو ضعف تطبيق القوانين والانظمة التي تحد من انتشاره، وكذلك له اسباب سياسية اهمها ضعف فعالية السلطة وعدم وجود قوانين واجراءات صارمة لمكافحته، واسبابا اخرى اجتماعية لها علاقة بالاعراف والقيم والتقاليد كانتشار الواسطة بين افراد مجتمعاتنا العربية، وانخفاض الرواتب والاجور او تاخر صرفها نتيجة لسوء استخدام الموازنة الحكومية او تاخر تنفيذها.
وكل تلك الاسباب ادت الى اثار سلبية عديدة على التنمية البشرية، وارتفاع مستويات الفقر، وانخفاض مستويات الاستثمار الاجنبي في العديد من دولنا العربية.
وما يقلقنا في وقتنا الراهن انه انتشر بشكل كبير وملحوظ مما اصبح يهدد اقتصاديات الكثير من الدول التي انتشر فيها ليكون تحديا كبيرا يهدد النهوض باقتصاديات تلك الدول التي تواجهه، وما تحتاجه تلك الدول المصابه به هو قيادات ادارية شجاعه ونزيهة وامينة تعمل على مواجهة اخطاره والقضاء عليه بدون رحمة لما يسببه من اثار واخطار على اقتصاديات دولنا العربية والنهوض بها.
حيث يعد الفساد اكبر عائق امام تحقيق التنمية الاقتصادية وتخفيض نسبة الفقر وتحسين الاداء الحكومي الذي يعد المسؤول الاول عن تردي الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، حيث يتعارض الفساد مع وجود بيئة تنافسية حرة تشكل شرطا اساسيا لجذب الاستثمارات المحلية او الخارجية، كما يوثر الفساد على التنمية البشرية من خلال تقليل نسب الانفاق على اهم ركنين من اركان التنمية البشرية وهما التعليم والصحة.
وفي الواقع ان الاصلاح هو العلاج للقضاء عليه، ولكن ينبغي أن تتم اجراءات الاصلاح على نحو فوري، بعيدا عن التسويف والمماطلة ، لمحاربه بكافة أشكاله، والحد من انتشاره، لأن نشر الفساد بين مجتمعاتنا العربية يعتبر من أهم موانع اصلاحها واتزانها .
وما اردت الاشارة اليه هو ان من أولويات مكافحة الفساد هو القيام بوضع خطة عملية علمية مناسبة، تهدف الى القضاء على الفساد بأشكاله وأنواعه ، فليس هناك أي مجال للتعايش بين الاصلاح والفساد ، وكذلك يجب على انظمتنا العربية العمل على بناء نظام تربوي تعليمي يهتم بالتنشئة المجتمعية للمواطنين وان تكون من المسؤوليات المشتركة والمبنية على قواعد واسس تربوية صحيحة قائمة على دراسات وبحوث علمية وتجارب، حيث ان عملية اصلاح المجتمع تبداء من العملية التعليمية والتربوية، وتتطلب قفزة اخلاقية كبيرة .
لذلك يجب على انظمة دولنا العربية العمل على وضع تشريعات تتماشى مع المفاهيم الجديدة في الاقتصاد العالمي كالشفافية والمساءلة والحوكمة، والعمل على وضع استراتيجيات واضحة ومدروسة بشكل علمي لتشخيص اسباب الفساد ووضع سبل لعلاجه، ويجب ان تحتويها تلك الاستراتيجيات على وجود ارادة سياسية قوية لمكافحة الفساد، ووجود قوانين رادعة، وكذلك يجب وجود اصلاح سياسي واصلاح اداري وقانوني، واصلاح اقتصادي واجتماعي من خلال التوعية الدينية والاخلاقية التي تحث على النزاهة وتادية العمل بشكل صحيح، ويمكن الابتعاد عنه من خلال قوانين الخدمة المدنية او الانظمة والمواثيق المتعلقة بشرف ممارسة الوظيفة، وادخال قيم النزاهة والشفافية في مجتمعاتنا.
وندعو المولى عز وجل أن يحفظ مجتمعاتنا وأوطاننا العربية والإسلامية، من الفساد والمفسدين، ويديم عليها الأمن والأمان، والتقدم والازدهار، في ظل حكامنا ورؤسائنا وحكوماتنا الرشيدة.
دمتم أحبتي الكرام ودامت أيامكم ولياليكم بالعز والخير وبالأمن والأمان والاستقرار ..