ليلي الهمامي : معركة الاستقلال يقودها أحرار وحرائر تونس
كتب – علاء حمدي
أصدرت الدكتورة ليلي الهمامي استاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة لندن والمرشحة للانتخابات الرئاسية التونسية القادمة خلال العام الجاري ٢٠٢٢ بيان صحفي لها اليوم الثلاثاء الموافق ١٠ مايو ٢٠٢٢ منذ لحظات قليلة حول معركة الاستقلال التي يقودها اليوم أحرار وحرائر تونس وما يحاك ضدهم !!!
وجاء البيان كالتالي : أيتها الفلاحات أيها الفلاحون، ، أيتها التونسيات أيها التونسيون
تمر بلادنا هذه الأيام بمطب هو من أصعب المطبات والازمات التي عرفتها تونس على مر تاريخها والتي تضرب القطاع الفلاحي في مقتل باعتباره ركيزة من ركائز السيادة الوطنية زيادة عن كونه اول القطاعات الاستراتيجية في البلاد من جهة، ومن جهة اخرى باعتباره حصان طروادة الذي تستخدمه بعض الدوائر، من أجل أن تحول تونس إلى مجال استثمار حصري لها، وهو ما نعتبره احتلالا زراعيا صارخا من دُولٍ وجهاتٍ أجنبية تدرك تماما أهمية الرهان الغذائي في العالم، رهان غاب عن وعي طبقتنا السياسية المصابة بعمى البصيرة.
يمر القطاع الفلاحي بأزمة خانقة منذ عهود تحولت إلى موت بطيء منذ عشر سنوات وذلك لعدة اسباب من أبرزها مشكل الملكية ومشكل التمويل والمديونية، ومشكل القوانين والتشريعات وتناقض السياسات العامة الموجهة للقطاع.
لكن أهم مظهر من مظاهر الأزمة تتمثل في أن المواد الفلاحية تشهد غلاءً مشطّاً على السوق المحلية على الرغم من الخسائر التي يكابدها الفلاح الصغير والمنتج بصفة عامة والتي تؤكد أن الأمن الغذائي في تونس مهدّدٌ في حدّه الأدنى.
وهو بالفعل ما تحياه منظومة تربية الماشية خلال هذه الفترة ، حيث أدّى الارتفاع المشطّ لسعر الاعلاف إلى زيادات غير معقولة، دفعت بالمنتجين إلى تحمّل ضغط وإكراهات السوق التي ارتفع فيها مستوى التظخم بطريقة جعلت إقرار حقيقة الأسعار أمرًا غير ممكن.
ولأن الحلقات الوسيطة بين المنتج والمستهلك تمثل عقدة لم تنجح الدولة التونسية من تفكيكها منذ ثمانينات القرن الماضي، فإن إصلاح سلسلة الانتاج والتسويق أصبح أمرًا مستعجلا غير قابل للتأجيل، تماما كما أن رقابة الدولة وتدخلها في مجال توريد المواد الفلاحية الأولية أصبح أمراً حيويّاً يمس الأمن الغذائي الوطني ولا يقبل التأجيل.
فالتحكم في أسعار العلف من خلال التحكم في مكوناته كالقطانيا والفيتورا والسوجا…الخ أمرٌ غير مقبول.
إن إصلاح وضع القطاع الفلاحي من أهم الأولويات التي من المفروض أن تضطلع بها القوى الوطنية في ضوء أفق الجوع في العالم خلال السنوات القادمة. وأهمية الزراعة في تأمين السيادة الوطنية كما تأَكَّدَ ذلك خلال سنوات جائحة الكوفيد.
لذلك جاء تضامني مع فلاحاتنا وفلاحينا ضمن رؤية تعتبر القطاع الفلاحي اهم قطاع استراتيجي في الفترة الراهنة، وركيزة اساسية من ركائز السيادة الوطنية، ووعيا مني بما تخطط له بعض الدوائر في الظلام من أجل أن تحوّل تونس إلى مستعمرة زراعية لدولٍ اجنبية تدرك أهمية الرهان الغذائي في السنوات القادمة وتدعم سياسيين بعينهم يصولون ويجولون في البلاد بسيقان سوداء غادرة خائنة.
ولم تكن المؤتمرات التي عُقِدت خلال فترة ما بعد 2011 حول الاستثمار الخارجي في المجال الفلاحي الا مدخلا لبسط الهيمنة الاستعمارية الجديدة في هذا القطاع المهدد عبر تفليس الفلاحين وتفكيك منظومة الإنتاج الفلاحي.
إذا كان الاستقلال في دلالته ومعناه وجود سلطة سيادية على أرض حرة، فإن الفلاح التونسي هو أول الجنود الذي يذود عن أرضه وعن شرف أمته كلّ ليلٍ وكلّ صباح، لضمان غذاء الشعب بما يوفر له الاستقرار ويضمن له الاستيطان في هذا التراب المقدّس.
مَن لَم يعي بهذا، لم يفهم شيئا عن الاستقلال في شرْطِهِ الأول الذي متى غاب، كانت نهاية السيادة واضمحلال الأزمة.
لذلك فإن موضوع القطاع الفلاحي في فهمي للأشياء وللصراعات الداخلية والخارجية، يتجاوز الظاهر والخارجي والجزئي إلى ما هو أهم وأعمق وأشمل.
كل الدعم والمساندة لفلاحاتنا وفلاحينا في معركتهم المقدسة ضد سياسات الاحتلال الزراعي وممارسات التفليس وتخريب القطاع الفلاحي.