أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

الرسول في غزوة ذي أمر “جزء 4”

الدكرورى يكتب عن الرسول في غزوة ذي أمر “جزء 4”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

الرسول في غزوة ذي أمر “جزء 4”

ونكمل الجزء الرابع مع الرسول في غزوة ذي أمر، ونزلت هذه الآية الكريمة على النبى صلى الله عليه وسلم من سورة المائده “يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم” ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ولم يلق حربا، وكانت مدة غيبته إحدى عشرة ليلة، وكما أن هذه الغزوة أسهمت في تقوية جيش المسلمين وتدريبه كي يقوى على مواجهات أشد في الأيام والسنوات اللاحقة، وفي موقف النبي صلى الله عليه وسلم مع دعثور بن الحارث في غزوة ذي أمر تجلى حب النبي صلى الله عليه وسلم للعفو والصفح عمن أساء إليه، وقال ابن حجر، فمن عليه وعفا عنه.

لشدة رغبته صلى الله عليه وسلم في استئلاف الكفار، ليدخلوا في الإسلام، وقد ترك هذا الموقف النبوي الكريم أثرا كبيرا في أعراب هذه المنطقة من غطفان، وقد بين لهم أن النبي صلى الله عليه وسلم ليس رجلا شجاعا وكريما وعفوا فحسب، وإنما هو أيضا نبي مرسل، لأنه ليس من عادة الملوك والقادة أن يتركوا من وقف على رؤوسهم بالسيف مهددا بقتلهم دون أن يقتلوه، وليس من عادتهم الرحمة والتسامح إلى هذا الحد، مما كان لذلك أبلغ الأثر في تفكير هؤلاء الأعراب جديا في الدخول في الإسلام، وقد ظهر في غزوة ذي أمر وغيرها من غزوات وأحداث من السيرة النبوية خصوصية من خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم.

وهي عصمة وحفظ بدنه الشريف من القتل، فالسيرة النبوية مليئة بالأمثلة الدالة على ذلك، ومنها عصمته وحفظه صلى الله عليه وسلم من محاولة أبي جهل وأبي لهب قتله، وحفظه يوم هجرته ممن حاصروا بيته بقصد قتله، وحفظه من محاولة سراقة بن مالك قتله أثناء الهجرة، وكذلك فشل محاولة قتله صلى الله عليه وسلم من دعثور بن الحارث في غزوة ذي أمر، وغورث بن الحارث في غزوة ذات الرقاع، وهكذا فمن آثر حب الله على حب ماله وأهله وولده وخاف من مقام ربه أشد من خوفه من غضبه أهله وولده فليبشر بالأجر العظيم، أي من صبر وصابر وثبت فله عند الله أجر عظيم، وقد روى أبو موسى الأشعري رضي الله عنه، أن عثمان بن عفان رضي الله عنه.

أستأذن بالدخول على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عليه صلى الله عليه وسلم، لأبي موسى ” ائذن له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه ” فقال أبو موسى، فجئته فقلت له أدخل وبشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة على بلوى تصيبك” رواه البخارى ومسلم، وفي رواية قال أبو موسى، فذهبت فإذا هو عثمان بن عفان، قال ففتحت وبشرته بالجنة، قال وقلت الذي قال، فقال اللهم صبرا أو الله المستعان، وفي رواية أخرى أن عثمان رضي الله عنه، حمد الله تعالى ثم قال الله المستعان، وهذه البلوى التي أخبره بها النبي صلى الله عليه وسلم أصابته في آخر حياته رضي الله عنه، وهو شيخ قد بلغ من الكبر عتيا، وتحمل من أمور الأمة ما تحمل، فقابل بلواه بثبات عجيب، وصبر جميل.

فلم يتزحزح عن إيمانه، ولا جزع من مصابه، فرضي الله عنه وأرضاه، وجعل دار الخلد مأواه، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما اغبرّتا قدما عبد في سبيل الله فتمسه النار” رواه البخاري، وإن للشهيد عند الله ست خصال، يُغفر له في أول دفعة، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويُوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها، ويزوّج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويُشفع في سبعين من أقاربه، فهذا هو شهيد الدنيا والآخرة، فهو الشهيد الكامل الشهادة، وهو أرفع الشهداء منزلة عند الله تعالى، وأفضلهم مقاما في الجنة، وهو المسلم المكلف الطاهر، الذي قتل في المعركة مخلصا لله النية.

مقبلا غير مدبر، سواء قتله أهل الحرب أو البغي أو قطاع الطريق، أو وجد في المعركة وبه أثر القتل، فإن من طلب الشهادة صادقا، بأن يكون قصده الجهاد في سبيل الله لنصرة دينه، ثم مات على فراشه، فإن الله يكتب له أجر شهيد، ويبعثه في زمرة الشهداء لأن الله علم صدق نيته وشرف قصده، وهكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من سأل الله الشهادة بصدق، بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه” رواه مسلم.