الدكرورى يكتب عن الرسول في غزوة ذي أمر “جزء 3”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
الرسول في غزوة ذي أمر “جزء 3″
ونكمل الجزء الثالث مع الرسول في غزوة ذي أمر، وذهب بعض المؤرخون أمثال ابن الأثير إلى أن أصلهم من بني إسرائيل، وذهب البعض الأخر إلى انهم من العرب، ونقل عن ابن إسحاق بأنهم بطن من بطون بني قريظة، وعلى هذا فهم من الكاهنين من نسل نبى الله هارون عليه السلام، ولا يستبعد أن تكون بني ثعلبة من بني إسرائيل ومن سلالة نبى الله داود وذلك بسبب أن مُلك يهود الحجاز كان فيهم، وفي الشريعة اليهودية لا يجوز المُلك إلا في ذرية النبي داود عليه السلام، وكما جاء النص على ذلك في سفر صموئيل الثاني الذى يقول ” ستبقى عائلتك عائلة الملوك ” وإن لم يرد نص صريح في نسب بنو ثعلبه إلى أي سبط ينتمون من أسباط بني إسرائيل إلا أنه جاء في بعض المصادر.
بأن السموأل بن عادياء من سبط يهوذا، وكما نسب آل السموأل إلى بني ثعلبة في إحدى الأقوال، فضلا عن تصريح السموأل بنسبه إلى بني الديان في شعره، والديان هو مرادف الفيطوان، إذ أن الديان في اللغة العربية بمعنى القاضي أو الحاكم، والفيطون في اللغة العبرية هو بمعنى القاضي والحاكم، وعلى هذا يكون بنو ثعلبة من سبط يهوذا، وكان أهداف الغزوة هو أن يشعر الأعراب بقوة المسلمين، ويستولي عليهم الرعب والرهبة، والأعراب هم العرب الذين يسكنون البوادي والبراري، الذين يتتبعون مساقط الغيث ومنابت الكلا، بخلاف أهل الحضر في القرى والأمصار، والفرق بين البدوي والأعرابي، أن البدوي هو المقيم في البادية ويسكن الخيام ولا يستقر في موضع معين.
سواء كان من العرب أم من غيرهم، أم الأعرابي فهو البدوي العربي، وكانت تلك سياسته صلى الله عليه وسلم، في معظم غزواته ألا وهي منع الأعداء من الوصول إلى المدينة ومساكن أهلها ومن جهة أخرى لبث الذعر والخوف من المسلمين في قلوب أعدائهم من المشركين واليهود إذ لديهم القدرة على المبادرة بالهجوم دون الاكتفاء بالدفاع، وهكذا عقد النبى صلى الله عليه وسلم، العزم على الخروج إليهم ومهاجمتهم في عقر ديارهم قبل أن يهاجموا المدينة المنورة وكانت نتائج غزوة ذي أمر أن انتهت غزوة ذي أمر بين المسلمين وأعدائهم من بني ثعلبة وبني محارب دون قتال إذ فروا من أمام المسلمين خشيةً من لقائهم في أرض المعركة.
وبذلك تحققت الغاية الرئيسية من خروج الرسول صلى الله عليه وسلم، بجيشه للقائهم في مساكنهم، ومن نتائجِ هذه الغزوة هو إسلام واحد من سادات غطفان المطاعين وذوي الهيبة والنفوذ فيهم جراء عفو وصفح الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو دعثور بن الحارث الذي انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو قائم تحت شجرة ينشر ثيابه كي تجف من مطر أصابهم في ذلك الموضع، فقال دعثور وهو حامل سيفا مصقولا يريد الفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم، فوقف عن رأس النبى الكريم صلى الله عليه وسلم، وقال له مَن يمنعُك مني؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، الله يمنعني ودفع جبريل عليه السلام دعثورا فوقع السيف من يده.
فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له ” من يمنعك مني؟ فأجاب دعثور، لا أحد ثم نطق بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، ومن هذه الواقعة استشفت القبائل العربية أن النبى صلى الله عليه وسلم، مُرسل من عند الله إذ ليس من عادات الملوك والأمراء العفو عن من وقف حاملا السيف يريد النيل منهم إلى جانب عصمة الله له من الشر والأذى، وفي رواية وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، ثم أتى قومه أي بعد أن أعطاه صلى الله عليه وسلم سيفه، فجعل يدعوهم إلى الإسلام، وأخبرهم أنه رأى رجلا طويلا دفع في صدره فوقع على ظهره، فقال، علمت أنه ملك فأسلمت، ونزلت هذه الآية الكريمة على النبى صلى الله عليه وسلم من سورة المائده “يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم”