أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

السيدة مارية بنت شمعون “جزء 7”

الدكرورى يكتب عن السيدة مارية بنت شمعون “جزء 7”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

السيدة مارية بنت شمعون “جزء 7″

ونكمل الجزء السابع مع السيدة مارية بنت شمعون، وقد أخذ المقوقس كتاب النبي صلى الله عليه وسلم، وختم عليه، وكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ” بسم الله الرحمن الرحيم، إلى محمد بن عبد الله، من المقوقس عظيم القبط، سلام عليك، أما بعد فقد قرأت كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه، وما تدعو إليه، وقد علمت أن نبيا بقي، وكنت أظن أنه سيخرج بالشام، وقد أكرمت رسولك، وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم، وبكسوة، وأهديت إليك بغلة لتركبها والسلام عليك ” وكانت الهدية جاريتين هما مارية بنت شمعون القبطية وأختها سيرين بنت شمعون، وألف مثقال ذهبا وعشرين ثوبا وبغلته تسمى دلدل، وشيخ كبير يسمى مابور، وفي المدينة، أختار الرسول مارية لنفسه، ووهب أختها سيرين لشاعره حسان بن ثابت الأنصاري.

وكانت مارية بيضاء جميلة الطلعة، وقد أثار قدومها الغيرة في نفس السيده عائشة رضى الله عنها، فكانت تراقب مظاهر اهتمام رسول الله صلى الله عليه وسلم بها، ولقد قالت السيده عائشة رضى الله عنها “ما غرت على امرأة إلا دون ما غرت على مارية، وذلك أنها كانت جميلة جعدة، أو دعجة، فأعجب بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أنزلها أول ما قدم بها في بيت لحارثة بن النعمان، فكانت جارتنا، فكان عامة الليل والنهار عندها، حتى فرغنا لها، فجزعت فحولها إلى العالية، وكان يختلف إليها هناك، فكان ذلك أشد علينا” وبعد مرور عام على قدوم مارية إلى المدينة، حملت مارية، وفرح النبي صلى الله عليه وسلم، لسماع هذا الخبر فقد كان قد قارب الستين من عمره، وفقد أولاده ما عدا فاطمة الزهراء.

وولدت مارية في شهر ذي الحجة من السنة الثامنة للهجرة النبوية طفلا جميلا يشبه الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد سماه إبراهيم، تيمنا بأبيه إبراهيم الخليل وقد عاش إبراهيم ابن الرسول صلى الله عليه وسلم، سنة وبضع شهور يحظى برعاية النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه مرض قبل أن يكمل عامه الثاني، وذات يوم اشتد مرضه، فرفعه الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو يقهقه أى ينازع، ومات إبراهيم وهو بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم، فبكى عليه ودمعت عيناه وكان معه عبد الرحمن بن عوف فقال له، أتبكي يارسول الله؟ فرد عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، إنها رحمة، ثم قال صلى الله عليه وسلم “إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا مايرضي ربنا، وإن لفراقك يا إبراهيم لمحزونون ”

وكان ابن ثمانية عشر شهرا، وكانت وفاته يوم الثلاثاء لعشر ليال خلت من ربيع الأول سنة عشر من الهجرة النبوية المباركة، وحزنت السيده مارية رضي الله عنها حزنا شديدا على موت إبراهيم، وأما عن السيده ماريه فقدعاشت ما يقارب الخمس سنوات في ظلال الخلافة الراشدة، وتوفيت في شهر المحرم من السنة السادسة عشر من الهجره، وكان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه، يحشر الناس لشهودها، وقد دعا عمر بن الخطاب الناس وجمعهم للصلاة عليها فاجتمع عدد كبير من الصحابة من المهاجرين والأنصار ليشهدوا جنازة السيده مارية القبطية، ودفنت إلى جانب نساء أهل البيت النبوي الشريف، وإلى جانب ابنها إبراهيم، وصلى عليها بالبقيع، وقال ابن منده، ماتت مارية بعد النبي صلى الله عليه وسلم بخمس سنين.

وكان هناك سؤال لماذا لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم، بالسيدة مارية القبطية رضي الله عنها؟ وقيل أيضا أنه كان له جوار أخر، فما هو السر في عدم زواجه صلى الله عليه وسلم بهن؟ وأما عن عدم زواجه صلى الله عليه وسلم، بهن فقد قيل أن النبي صلى الله عليه وسلم مع مارية القبطية وغيرها من الإماء وقد ترك التزوج بهن في حال رقهن، فذلك لأن تزوج الإماء ممنوع في الشرع إلا لمن لا يستطيع التزوج بالحرة ويخشى على نفسه الوقوع في الحرام، وقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم، السيده صفية بنت حيي رضي الله عنها، بعد أن أعتقها، وكذلك أعتق جويرية بنت الحارث رضي الله عنها ثم تزوجها، ومن أزواجه صلى الله عليه وسلم، أيضا.

هى السيده ريحانة بنت زيد النضرية، وقيل القرظية، وقد سبيت يوم بني قريظة، فكانت صفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعتقها وتزوجها، ثم طلقها تطليقة، ثم راجعها، وقد قالت طائفة، بل كانت أمته، وكان يطؤها بملك اليمين، حتى توفي عنها صلى الله عليه وسلم، فهي معدودة في السراري، لا في الزوجات، والقول الأول اختيار الواقدي، ووافقه عليه شرف الدين الدمياطي، وقال هو الأثبت عند أهل العلم، وفيما قاله نظر، فإن المعروف أنها من سراريه، وإمائه، وفي البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج، أن ريحانة بنت زيد بن عمرو بن خنافة من بني النضير، وقد سباها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعتقها، وتزوجها سنة سته من الهجره، وماتت مرجعه من حجة الوداع، فدفنها بالبقيع .