الدكرورى يكتب عن السيدة مارية بنت شمعون “جزء 2”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
السيدة مارية بنت شمعون “جزء 2”
ونكمل الجزء الثانى مع السيدة مارية بنت شمعون، وقد جاءت مارية القبطية إلى المدينة المنورة، وكان ذلك في السنة السابعة للهجرة بعد صلح الحديبية مباشرة، حيث أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم، رسلا إلى ملوك الدول المحيطة بالجزيرة العربية، ولما بعث رسوله حاطب بن أبي بلتعة، رضي الله عنه، إلى المقوقس في مصر، كتب المقوقس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قائلا “بسم الله الرحمن الرحيم، إلى محمد بن عبد الله، من المقوقس عظيم القبط، سلام عليك، أما بعد فقد قرأت كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه، وما تدعو إليه، وقد علمت أن نبيا بقي، وكنت أظن أنه سيخرج بالشام، وقد أكرمت رسولك، وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم.
وبكسوة، وأهديت إليك بغلة لتركبها والسلام عليك” وكانت السيده مارية إحدى جاريتي المقوقس، وقد عاشت مارية بنت شمعون خمس سنوات، في الخلافة الراشدية، أي أنها توفيت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، بخمس سنوات في السنة السادسة عشرة للهجرة، وصلى عليها جمع غفير من المسلمين، ودفنت إلى جانب ابنها إبراهيم عليه السلام، وفي مكة أطهر بقاع الأرض أضاء الكون لـميلاد النبي خاتم النبيين، حيث ولد يتيما في عام الفيل، وماتت أمه في سن مبكرة، فرباه جده عبد المطلب ثم عمه أبو طالب، وكان يرعى الغنم ويعمل في التجارة خلال سنوات شبابه، حتى تزوج من السيده خديجة بنت خويلد في سن الخامس والعشرين.
وأنجب منها كل أولاده باستثناء ولده إبراهيم، وفي سن الأربعين نزل عليه الوحي بالرسالة، فدعا إلى عبادة الله وحده ونبذ الشرك، وكانت دعوته سريّة لثلاث سنوات، تبعهن عشر أخر يجاهر بها في كل مكان، ثم كانت الهجرة إلى المدينة المنورة بعد شدة بأسٍ من رجال قريش وتعذيب للمسلمين، فأسس بها دولة الإسلام، وعاش بها عشر سنوات، تخللها كثير من مواجهات الكفار والمسلمين التى عُرفت بـالغزوات، وكانت حياته نواة الحضارة الإسلامية، التي توسعت في بقعة جغرافية كبيرة على يد الخلفاء الراشدين من بعده، صلى الله عليه وسلم، ولقد تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، أكثر من امرأة واحدة، حيث تزوج من خديجة بنت خويلد.
ومن عائشة بنت أبي بكر الصديق، ومن حفصة بنت عمر، ومن زينب بنت خزيمة ومن أم سلمة هند بنت أبي أمية المخزومية ومن أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان ومن جويرية بنت الحارث ومن ميمونة بنت الحارث الهلالية ومن صفية بنت حيي بن أخطب، ومن زينب بنت جحش، ويرى العلماء أن السيدة مارية القبطية كان سرية عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كانت من ملك اليمين ولم يتزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم، بل كانت هدية المقوقس عظيم مصر لرسول الله صلى الله عليه وسلم، بعد صلح الحديبية، وهو أبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذي نسب في قومه.
وقد كلفه الله سبحانه وتعالى بالرسالة وهو في عمر الأربعين، وقد تحمل الأذى هو وأصحابه رضي الله عنهم، من قريش لمدة ثلاثة عشر عاما في مكة، حتى أذن الله سبحانه وتعالى، لهم بالهجرة مع أصحابه للمدينة المنورة، ورزق النبى صلى الله عليه وسلم، بأربع من البنات وهن فاطمة وزينب وأم كلثوم ورقية، ورزق بثلاثة وهم القاسم وعبد الله وإبراهيم، وقد توفي أولاده الذكور في حياته، وتزوج الرسول صلى الله عليه وسلم، بإحدى عشر زوجة أولهن جميعا كانت السيدة خديجة التي تزوجها قبل البعثة، وقد كانت السيده مارية القبطيه بيضاء جميلة، فأنزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، في العالية، في المال الذي صار يقال له سرية أم إبراهيم.