الدكرورى يكتب عن حول معجزة الإسراء والمعراج ” جزء 9″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
حول معجزة الإسراء والمعراج ” جزء 9″
ونكمل الجزء التاسع حول معجزة الإسراء والمعراج، ولكثرة تلك الآيات والأحاديث، فإنه من الصعب حصرها والإحاطة بجميعها، حيث ورد في القرآن الكريم ما لا يقل عن ثمانين آية جاءت بصيغ مختلفة ومتنوعة، ومنها ما جاء بصيغة الأمر، مثل قوله تعالى ” يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا، وسبحوه بكرة وأصيلا” ومنها ما ورد بصيغة الماضي، مثل قوله تعالى ” سبح لله ما فى السموات وما فى الأرض وهو العزيز الحكيم” ومنها ما ورد بصيغة المضارع، مثل قوله تعالى ” يسبح لله ما فى السماوات وما فى الأرض الملك القدوس العزيز الحكيم” ومنها ما جاء بلفظ المصدر مثل ما ورد في قول الله تعالى ” سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين والحمد لله ب العالمين” وقد افتتح الله سبحانه وتعالى، ثماني سور من القرآن الكريم بالتسبيح.
منها سورة الإسراء فقال تعالى ” سبحان الذى أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذى باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير” ويسبح المسلم ربه في العديد من المواضع التي جاءت بدليل إما من القرآن الكريم أو السنة النبوية الشريفة، وهكذا فإن التسبيح أثناء الصلاة وبعدها فقد ورد في السنة النبويّة الشريفة بأن المسلم يفتتح صلاته بالتسبيح، وذلك من خلال قوله ” سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك” وكما يكون التسبيح أثناء القراءة في قيام الليل، وفي الركوع والسجود، ثم عند الانتهاء من الصلاة فإنه يسبح الله تعالى ثلاثا وثلاثين مرة، وقد ورد ذلك في الحديث الذي رواه أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال.
” من سبح الله فى دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين، وحمد الله ثلاثا وثلاثين، وكبر الله ثلاثا وثلاثين، فتلك تسعة وتسعون، وقال تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك لهـ له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر” وكذلك أيضا التسبيح في الصباح والمساء، فقد ورد الدليل في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة على ذلك، فقال تعالى فى كتابه الكريم ” وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الله فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى” وقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال” من قال حين يصبح وحين يمسى سبحان الله وبحمده مائة مرة لم يأتى يوم القيامه بأفضل مما جاء به، إلا أحد قال مثل ما قال، أو زاد عليه” وكذلك أيضا التسبيح عند التعجب فإن سمع المسلم شيئا غير مألوف.
أو وقع أمامه فعل أو سمع قولا دعاه إلى الاستغراب فقد شرع له أن يسبح الله تعالى، فقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه، فقد أخبر أنه لقيه النبى صلى الله عليه وسلم فى طريق من طرق المدينة، وهو جنب فانسل فذهب فاغتسل، فتفقده النبى صلى الله عليه وسلم، فلما جاء قال ” أين كنت يا أبا هريرة؟ قال يا رسول الله، لقيتنى وأنا جنب فكرهت أن أجالسك حتى أغتسل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” سبحان الله إن المؤمن لا ينجس” فرسول الله صلى الله عليه وسلم تعجب من ظن أبي هريرة رضي الله عنه حين اعتقد أن الجنب لا يجالس أحدا ولا يصافح أحدا، وأيضا التسبيح عند القيام من المجلس، خاصة المجلس الذي كان في الغلط، والتسبيح هنا مستحب، لما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال.
” من جلس فى مجلس فكثر فيه لغطه، فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك ” سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك إلا غفر له ما كان فى مجلسه ذلك ” ويعرّف الإسراء بأنه انتقال النبي صلى الله عليه وسلم مع جبريل عليه السلام ليلا من البيت الحرام في مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى في بيت المقدس على دابة البراق، وأما المعراج فهو صعودهما من بيت المقدس إلى السماوات العلى، وقد ثبت وقوع هذه الحادثة في القرآن الكريم، والسنة النبوية، وشهادة الصحابة الكرام بذلك، وهي من إكرام الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم، وكان لرحلة الإسراء والمعراج العديد من الأسباب، فكانت تخفيفا لآلامه وأحزانه صلى الله عليه وسلم بسبب الأذى الذي تلقاه من قومه، وإعلاء لشأنه، وإكراما له، وكانت من باب الأنس له، وتعريفا له بمنزلته وقدره عند الله عز وجل.