الدكرورى يكتب عن نبي الله موسي عليه السلام “جزء 9”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
نبي الله موسي عليه السلام “جزء 9”
ونكمل الجزء التاسع مع نبي الله موسي عليه السلام، ثم أتى قارون إلى موسى عليه السلام فقال إن قومك قد اجتمعوا لك لتأمرهم وتنهاهم، فخرج إليهم نبي الله موسى عليه السلام فقال لهم من سرق قطعناه ومن زنى وليس له امرأة جلدناه مائة جلدة، وإن كانت له امرأة رجمناه حتى يموت، فقال له قارون إن بني إسرائيل يزعمون أنك فجرت بفلانة، فقال عليه السلام أدعوها، فلما جاءت قال لها موسى عليه السلام أقسمت عليك بالذي أنزل التوراة إلا صدقت، أنا فعلت بك ما يقول هؤلاء؟ فقالت لا، كذبوا ولكن جعلوا لي جعلا على أن أقذفك، فسجد موسى عليه السلام ودعا الله عليهم فأوحى الله تعالى إليه مُر الأرض بما شئت تطعك، فقال موسى عليه السلام يا أرض خذيهم، فاضطربت داره وساخت بقارون وأصحابه إلى الكعبين.
وجعل يقول يا موسى ارحمني، قال يا أرض خذيهم، فلم يزل يستعطفه وهو يقول يا أرض خذيهم حتى خُسفت بهم، وكانت وفاة نبى الله موسى عليه السلام، أنه قيل بينما موسى عليه السلام، يمشي ومعه يوشع بن نون فتاه إذ أقبلت ريح سوداء ، فلما نظر إليها يوشع ظن أنها الساعة، فالتزم موسى، وقال، لا تقوم الساعة وأنا ملتزم نبي الله، فاستل موسى من تحت القميص وبقي القميص في يدي يوشع، فلما جاء يوشع بالقميص أخذه بنو إسرائيل، وقالوا قتلت نبي الله، فقال ما قتلته ولكنه استل مني، فلم يصدقوه، قال فإذا لم تصدقوني فأخروني ثلاثة أيام فوكلوا به من يحفظه فدعا الله عز وجل، فأتى كل رجل كان يحرسه في المنام فأخبر أن يوشع لم يقتل موسى عليه السلام، وأنا قد رفعناه إلينا، فتركوه، وقيل إن موسى كره الموت فأراد الله أن يحبب إليه الموت.
فأوحى الله إلى يوشع بن نون وكان يغدو عليه ويروح، ويقول له موسى يا نبي الله، ما أحدث الله إليك ؟ فقال له يوشع بن نون يا نبي الله ألم أصحبك كذا وكذا سنة، فهل كنت أسألك عن شيء مما أحدث الله لك ؟ ولا يذكر له شيئا، فلما رأى موسى ذلك كره الحياة وأحب الموت، وقيل إنه مر منفردا برهط من الملائكة يحفرون قبرا، فعرفهم فوقف عليهم، فلم يري أحسن منه، ولم يري مثل ما فيه من الخضرة والبهجة، فقال لهم يا ملائكة الله، لمن تحفرون هذا القبر ؟ فقالوا نحفره لعبد كريم على ربه، فقال إن هذا العبد له منزل كريم ما رأيت مضجعا، ولا مدخلا مثله، فقالوا أتحب أن يكون لك ؟ قال وددت، قالوا فانزل واضطجع فيه وتوجه إلى ربك وتنفس أسهل تنفس تتنفسه، فنزل فيه وتوجه إلى ربه، ثم تنفس، فقبض الله روحه، ثم سوت الملائكة عليه التراب.
وكان نبى الله موسى عليه السلام، زاهدا في الدنيا راغبا فيما عند الله تعالى، إنما كان يستظل في عريش ويأكل ويشرب من نقير من حجر تواضعا إلى الله تعالى، وقال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” إن الله أرسل ملك الموت ليقبض روحه فلطمه ففقأ عينه، فعاد، وقال يا رب أرسلتني إلى عبد لا يحب الموت، فقال الله عز وجل ارجع له وقل له يضع يده على ظهر ثور وله بكل شعرة تحت يده سنة، وخيره بين ذلك وبين أن يموت الآن، فأتاه ملك الموت وخيره، فقال له فما بعد ذلك ؟ قال الموت، قال فالآن إذن، فقبض روحه، وهذا القول صحيح قد صح النقل به عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فكان موته في التيه أيضا عليه السلام، وهكذا فقد ولدت أم موسى نبي الله موسى عليه السلام خفية، وجعلت ترضعه برأفة وحنان وهي واثقة من حفظ الله تبارك وتعالى له.
ولما خشيت عليه من كيد فرعون وجنوده السفاحين اتخذت صندوقا وجعلت فيه قطنًا ثم وضعت فيه وليدها الصغير موسى عليه السلام، وربطت الصندوق في حبل وكانت دارها متاخمة لنهر النيل، فكانت ترضع وليدها موسى كل يوم فإذا خشيت عليه من أحد وضعته في ذلك التابوت والصندوق وأرسلته في البحر وأمسكت طرف الحبل عندها، فإذا ذهب هؤلاء الذين تخشى عليه منهم استرجعته إليها، وذات يوم أرسلته وذهلت أن تربط طرف الحبل عندها فانطلق الصندوق وفيه موسى الرضيع عليه السلام مع نهر النيل، وانطلق الماء به يرفعه الموج تارة ويخفضه أخرى حتى وصل إلى قصر فرعون، وبينما كانت الجواري في قصر فرعون يغتسلن على ضفاف نهر النيل أبصرن هذا الصندوق فأخذنه وظنن أن فيه مالا وأشياء ثمينة فحملنه على حالته إلى زوجة فرعون آسية بنت مزاحم وكانت من بني إسرائيل.