الدكرورى يكتب عن نبي الله موسي عليه السلام “جزء 8”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
نبي الله موسي عليه السلام “جزء 8”
ونكمل الجزء الثامن مع نبي الله موسي عليه السلام، وفي مواضع أخرى سمّى الله هذا المكان يما، قال تعالى “فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم ما غشيهم” والناظر في الآيات الكريمة السابقة يتبين له أن القرآن الكريم لم يفرّق بين البحر واليم، فكلاهما أطلق على المكان الذي غرق فيه فرعون وجنوده، ولكن المفسّرين اختلفوا في تحديده على وجه الخصوص هل هو البحر المعروف باسم البحر الأبيض المتوسط الذي يفصل بلاد مصر عن بلاد الحجاز، أم هو نهر النيل المشهور الذي ينبع من بلاد الحبشة ويمر في أراضي مصر، فمنهم من قال إنه البحر الأبيض المتوسط ومنهم من رأى أنه نهر النيل، واستدلوا على ذلك بالآية الكريمة التي تحدثت عن قصة إلقاء موسى عليه السلام، في اليم وهو نهر النيل، والراجح من تلك الأقوال أنه البحر الأبيض المتوسط.
لقصد موسى عليه السلام، الأراضي المقدسة، وهي فلسطين عندما خرج من مصر، عليه السلام، فعندما تحرك قلب موسى عليه السلام، أن يعود بأهله إلى مصر، وعزم على المسير واستعد له، ولما أراد الفراق أمر امرأته أن تسأل أباها أن يعطيها من غنمه ما يعيشون به، فأعطاها ما ولدت غنمه في ذلك العام من قالب لون، أى يقال شاة قالب لون، أي أنه على غير لون أمها، وعن عقبة بن المنذر فيما رواه البزار، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل أي الأجلين قضى موسى؟ قال ” أبرهما وأوفاهما ” ثم قال ” إن موسى عليه السلام لما أراد فراق شعيب عليه السلام، أمر امرأته أن تسأل أباها أن يعطيها من غنمه ما يعيشون به، فأعطاها ما ولدت غنمه في ذلك العام من قالب لون، قال فما مرت شاة إلا ضرب موسى جنبها بعصاه فولدت قوالب ألوان كلها.
وولدت اثنتين أو ثلاثا كلُ شاة، وليس فيها فشوش، ولا ضبوب، ولا كميشة تفوت الكف ولا ثغول ” أي جاءت على غير ألوان، وقد سار موسى عليه السلام، بأهله من أرض مدين في فصل الشتاء، واستاق الغنم، ولما بلغ إلى قرب جبل الطور ضل الطريق في ليلة باردة، وقالوا وكانت امرأته حاملا، وأراد موسى أن يوري نارا فصلد زنده فلم يقدح له، وأوحى الله له ما أوحى، وكلفه أن يحمل الرسالة إلى الطاغي فرعون، وأعطاه الله الآيات، وطلب موسى من ربه أن يرسل معه أخاه هارون، ليكون له ردءا، وأثنى موسى على أخيه بين يدي ربه بأنه أفصح منه لسانا، وحمل موسى الرسالة، ومعه المعجزات، ودخل مصر وقابل فرعون مع أخيه هارون، وكان من أمرهما المواجهة والحروب في قصة كبيرة انتهت بانتصار موسى عن طريق المعجزة انشقاق البحر إلى نصفين.
وغرق فرعون بعد محاولات اقناع فرعون إلا أنه لم يقتنع وأراد الحرب، وأخرج موسى بني إسرائيل من مصر وأنجاه الله من فرعون وقومه ثم ذهب لمناجاة ربه وتلقى من ربه الألواح وفيها الوصايا الإلهية وعاد إلى قومه فوجدهم قد عبدوا العجل الذي اتخذه لهم السامري، وكان من شأنه معهم ما سبق بيانه عنه الكلام على معجزاته ثم طلب من بني إسرائيل أن يدخلوا الأرض المقدسة، وهي أريحا، مجاهدين في سبيل الله بعدما أراهم المعجزات الباهرات، ويقال أن قارون الذي ذكره الله تعالى في القرءان الكريم، هو ابن عم موسى عليه السلام وقيل غير ذلك، وكان من أتباع فرعون مصر الكافرين الذين اتبعوا فرعون على كفره وضلاله، وكان رجلا طاغيا فاسدا غرته الحياة الدنيا، وكان كثير المال والكنوز، وقد ذكر الله تبارك وتعالى كثرة كنوزه.
وبيّن أن كنوزه كان يثقل حمل مفاتيحها على الرجال الأقوياء الأشداء حتى قيل إن مفاتيح خزائن كنوزه كانت تحمل على أربعين بغلا، ولكن قارون غرته الحياة الدنيا وغره ما عنده من أموال وكنوز، وطغى وبغى على قومه بكثرة أمواله وافتخر عليهم واستكبر بما ءاتاه الله تعالى من الأموال والكنوز، فنصحه النصحاء من قومه ووعظوه ونهوه عن فساده وبغيه، ويروى أن الله تبارك وتعالى أمر قارون بالزكاة فجاء إلى موسى عليه السلام من كل ألف دينار بدينار، ثم جمع نفرا يثق بهم من بني إسرائيل فقال إن موسى أمركم بكل شىء فأطعتموه وهو الآن يريد أخذ أموالكم، فقالوا له مرنا بما شئت قال ءامركم أن تحضروا فلانة البغيّ فتجعلوا لها جعلا أي أجرة فتقذفه بنفسها ففعلوا ذلك فأجابتهم إليه، ثم أتى قارون إلى موسى عليه السلام.