أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

نبي الله موسي عليه السلام “جزء 6”

الدكرورى يكتب عن نبي الله موسي عليه السلام “جزء 6”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

نبي الله موسي عليه السلام “جزء 6”

ونكمل الجزء السادس مع نبي الله موسي عليه السلام، فرفعها موسى عليه السلام وحده ثم استقى منها الماء وسقى لهاتين المرأتين غنمهما وردّ الحجر مكانه ثم انصرف عليه السلام إلى ظل شجرة وجلس تحتها يدعو الله تعالى ويشكره، يدعو الله الذي مَنّ عليه بهذه القوة ويشكره على هذه النعمة العظيمة، وهنا ننظر أنه دعت الرحمة من نبى الله موسى لسؤالهما عن سبب ابتعادهما عن السقي فأخبرتاه بأنهما تنتظران فراغ المورد من الرجال، وليس لهما رجل يسقي لهما إلا أب لا يقوى على ذلك لشيخوخته، فسقى لهما، وحرصت الفتاتان على تبليغ أبيهما بما فعله ذلك الرجل معهما، فأمر إحداهما أن تدعوه ليحضر إليه، فجاءت موسى تمشي بحياء شديد، ليجزيه أجر ما سقى لابنتيه، وعادت إلى أبيها ومعها الرجل كريم الخلق، الذي جاء ملبيا الدعوة.

وأخبر نبي الله موسى الرجل الصالح بقصته، فطمأنه وبشره بالنجاة من القوم الظالمين، وقالت إحداهما لأبيها استأجره ليرعى الغنم، لما وصفته بالقوة والأمانة، ورضي الرجل الصالح بدين موسى وخلقه وأمانته ومروءته لما رآه منه عندما سقى لابنتيه وفر بدينه من الطغاة، وكذلك لثناء ابنته عليه، فرغب في مصاهرته، فعرض عليه الزواج بابنته ولأن موسى عليه السلام كان فقيرا فطلب صداقا لابنته عملا يؤديه إليه، ويخبر السياق بعد ذلك عن قبول موسى لعرض الرجل الصالح وعن إتمامه لأجل الإجارة، ثم مسيره بأهله بعد انقضاء المدة، واشتاق موسى للعودة إلى بلاده فعزم على زيارتهم في خفية من فرعون، ورافقته زوجته ابنة الرجل الصالح، فسلك بهم في ليلة مطيرة مظلمة باردة فنزل منزلا، ثم رأى نارا تضيء على بعد، فقال امكثوا حتى أذهب إليها.

أو آتيكم بقطعة منها لعلكم تستدفئون بها من البرد، وورد أن نبي الله موسى عليه السلام وأهله عندما كانوا في عتمة الليل ووحشة البرد يقطعون الأراضي مشيا على الأقدام لم يستطع موسى إشعال النار في هذه الأجواء، لكنه وجد نورا حسبه نارا من بعيد، فترك أهله في مكانهم وانطلق نحوها بغية أن يحصل على شيئا من النار، فما إن ابتعد عن أهله وولده حتى سمع كلام الله سبحانه وتعالى له، وفي تلك الرحلة التي انتقل فيها النبي موسى عليه السلام، من مدين إلى مصر عائدا إلى بلده، كان تكليم الله سبحانه وتعالى، لنبيه موسى عليه السلام، وإيحائه له بالنبوة والرسالة، ووصيته له أن يأتي فرعون داعيا إياه إلى إفراد العبادة والتوحيد لله تعالى، وإن من أكثر القصص التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم هى قصة نبيه موسى عليه السلام.

ولقد بيّن الله سبحانه وتعالى، الصراع الذي كان بين معسكر الحق الذي مثله النبي موسى عليه السلام، ومن آمن من قومه، وبين معسكر الباطل الذي زها بنفسه وبغى ببطشه وهو معسكر فرعون وجنده، وقد بيّن الله سبحانه وتعالى، كيف كانت الغلبة لمعسكر الحق، وكيف كانت العاقبة للمتقين الذين وعدهم الله سبحانه وتعالى، بالاستخلاف في الأرض، والتمكين من بعد أن تعرّضوا للابتلاءات والمحن التي اختبرت إيمانهم وثباتهم على أمر الله عز وجل، فبعد انقضاء فترة موسى في مدينة مدين بعثه الله تعالى، وهو في طريق العودة إلى مصر، فعندما وصل موسى إلى الوداي المقدس طوى سمع النداء من الله عز وجل ويأمره بتبليغ الرساله، وعندما وصل موسى إلى فرعون، واجهه بما لديه من معجزات عظيمة أيده الله تعالى بها.

وهي العصا التي تستحيل إلى أفعى حقيقة، وضم اليد إلى الجناح فتخرج بيضاء، فأبى فرعون واستكبر، وتواجه نبي الله موسى مع السحرة الذين جمعهم الفرعون الطاغية، فانتصر عليهم موسى عليه السلام وأيقن السحرة أن موسى رسول الله، فآمنوا جميعهم لما رأوا العصا تستحيل إلى أفعى حقيقية، وليس موهومة كالتي جاؤوا بها من خلال الخدع، فلقد أرسل الله عز وجل نبيه موسى عليه السلام، إلى فرعون بالآيات البينات ودعاه إلى توحيد رب الأرض والسماوات، فقال فرعون منكرا وجاحدا، وما رب العالمين، فأنكر الرب العظيم الذي قامت بأمره الأرض والسماوات وكان له آية في كل شيء من المخلوقات فأجابه موسى هو “هو رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين” ففي السماوات والأرض وما بينهما من الآيات ما يوجب الإيقان للموقنين.