الدكرورى يكتب عن الخليفة الأموي مروان بن محمد “جزء 15”
بقلم / محمـــد الدكــــرورى
الخليفة الأموي مروان بن محمد “جزء 15”
ونكمل الجزء الخامس عشر مع الخليفة الأموي مروان بن محمد، فبيت مروان فقاتل حتى قتل وهرب ابنا مروان عبد الله وعبد الملك إلى الحبشة وانتهت الدولة الأموية ولما مات أبو العباس السفاح زعم عبد الله أنه ولي عهده وبايعه أمراء الشام وبويع ابو جعفر المنصور بالعراق وندب لحرب عمه صاحب الدعوة أبا مسلم الخراساني فالتقى الجمعات بنصيبين فاشتد القتال وقتلت الأبطال وعظم الخطب ثم انهزم عبد الله في خواصه وقصد البصرة فأخفاه أخوه سليمان مدة ثم ما زال المنصور يلح في طلبه حتى أسلمه فسجنه سنوات فيقال حفر أساس الحبس وأرسل عليه الماء فوقع على عبد الله في سنة مائه وسبعه وأربعين من الهجره، فسار عبد الله بن علي في جنود كثيرة، فتنازل له أبو عون عن القيادة، وجعل عبد الله على شرطته حياش بن حبيب الطائي، ونصير بن المحتفز.
ووجه أبو العباس، موسى بن كعب في ثلاثين رجلا على البريد إلى عبد الله بن علي يحثه على مناجزة مروان، والمبادرة لقتاله قبل أن تبرد نيران الحرب، فتقدم عبد الله بن علي بجنوده حتى واجه جيش مروان، ونهض مروان في جنوده وتصافَّ الفريقان في أول النهار، وكان مع مروان جيش ضخم، فقال مروان لعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، إن زالت الشمس يومئذ ولم يقاتلونا كنا نحن الذين ندفعها إلى عيسى بن مريم، وإن قاتلونا قبل الزوال فإنا لله وإنا إليه راجعون، ثم أرسل مروان إلى عبد الله بن علي يسأله الموادعة، فقال عبد الله، كذب ابن زريق، لا تزول الشمس حتى أوطئه الخيل، إن شاء الله، وكان ذلك يوم السبت لإحدى عشر ليلة خلت من شهر جمادى الآخرة عام مائة واثنين وثلاثين من الهجره.
فقال مروان قفوا لا تبتدئون بقتال، وجعل ينظر إلى الشمس، ولكن خالفه ابن عمه الوليد بن معاوية بن مروان بن الحكم وهاجم جيش العباسيين، والوليد هو ختن مروان على ابنته، فغضب مروان فشتمه، فقاتل الوليد بن معاوية أهل الميمنة فأنحاز أبو عون إلى عبد الله بن علي، فقاتل موسى بن كعب لعبد الله بن علي، فأمر الناس فنزلوا ونودي الأرض الأرض، فنزلوا وأشرعوا الرماح وجثوا على الركب وقاتلوهم، وجعل أهل الشام يتأخرون كأنما يدفعون، وجعل عبد الله يمشي قدما، وجعل يقول، يا رب حتى متى نقتل فيك ؟ ونادى يا أهل خراسان، يا لثارات إبراهيم الإمام، يا محمد يا منصور، واشتد القتال جدا بين الناس، فلا تسمع إلا وقعا كالمرازب على النحاس.
فأرسل مروان إلى قبيلة قضاعة يأمرهم بالنزول فقالوا قل لبني سليم فلينزلوا، وأرسل إلى قبيلة السكاسك من كندة أن احملوا فقالوا قل لبني عامر أن يحملوا، فأرسل إلى قبيلة السكون من كندة أن احملوا، فقالوا قل إلى غطفان فليحملوا، فقال لصاحب شرطته انزل، إلا أن صاحب الشرطة رفض، ثم انهزم أهل الشام واتبعتهم أهل خراسان يقتلون ويأسرون، وكان من غرق من أهل الشام أكثر ممن قتل وكان في جملة من غرق إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك المخلوع، وقد أمر عبد الله بن علي بعقد الجسر، واستخراج من غرق في الماء، وجعل يتلو قوله تعالى ” وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون” وأقام عبد الله بن علي في موضع المعركة سبعة أيام.