الدكرورى يكتب عن الخليفة الأموي مروان بن محمد “جزء 12”
بقلم / محمـــد الدكــــرورى
الخليفة الأموي مروان بن محمد “جزء 12”
ونكمل الجزء الثاني عشر مع الخليفة الأموي مروان بن محمد، وقد بعث نباتة بن حنظلة إلى جرجان واليا عليها ولكي يقاتل انصار الدعوة العباسية في خراسان بدم مافشل والي خراسان نصر بن سيار الكناني بإخماد ثورتهم وعندما وصل نباتة بن حنظلة الكلابي إلى نصر بن سيار أتى فارس وأصفهان، ثم سار إلى الري، ومضى إلى جرجان، ولم ينضم نباتة إلى نصر بن سيار، فقالت القيسية لنصر، لاتحملنا قومس، فتحولوا إلى جرجان وخندق نباتة، فكان إذا وقع الخندق في دار قوم رشوه فأخره، فكان خندقه نحوا من فرسخ، وقلنا أن الفرسخ هو خمسه كيلو مترات، وحينما قدم قحطبة بن شبيب أحد دعاة العباسيين، وقادتهم لقتالة نزل قحطبة بإزاء نباتة بن حنظلة وأهل الشام، فالتقوا في مستهل ذي الحجة عام مائه وثلاثين من الهجره.
في يوم الجمعة وصبر بعضهم لبعض ووقع قتال شديد بينهم حتى قتل نباتة بن حنظلة وانهزم أهل الشام فقتل منهم عشرة آلاف وبعث قحطبة إلى أبي مسلم الخراساني برأس نباتة وابنه حية بن نباتة بن حنظلة، ثم وجه قحطبة بن شبيب أحد دعاة بنو العباس ولده الحسن بن قحطبة إلى قومس لقتال نصر بن سيار، وأمده بالأمداد، ثم ارتحل نصر إلى الري، فأقام بها يومين ثم مرض فسار منها إلى همدان، فلما وصل مدينة ساوة توفي فيها لمضي ثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول في سنة مائه وواحد وثلاثين من الهجره، وكان عمره خمس وثمانين سنة، ولما مات نصر تمكن أبو مسلم وأصحابه من بلاد خراسان كلها، وسار قحطبة من جرجان، وقدم أمامه، زياد بن زرارة القشيري، وكان قد ندم على اتباع أبي مسلم، فترك الجيش وأخذ جماعة معه.
وسلك طريق أصبهان ليذهب إلى القائد الأموي عامر بن ضبارة المري، وكان ابن ضبارة شجاعا فاتكا، فبعث قحطبة وراء زياد بن زارة جيشا فقتلوا عامة أصحابه، ثم فتح الحسن بن قحطبة قومس، ثم بعث قحطبة ابنه إلى الري، فافتتحها، فأقام بها قحطبة، ثم ارتحل أبو مسلم من مرو فنزل نيسابور، ونيسابور، هى مدينة في مقاطعة خراسان شمالي شرق إيران وهى قرب العاصمة الإقليمية مشهد، وقد كانت نيسابور عاصمة لمقاطعة خراسان قديما، وتعد من أشهر مراكز الثقافة والتجارة والعمران في العصر العباسي، وكان ذلك قبل أن يدمرها زلزال ضربها عام خمسمائه وأربعين من الهجره، ثم أكمل خرابها غزو المغول لها سنة ستمائه وثمانى عشر من الهجره، وكان بعد ذلك أن بعث قحطبة بعد دخوله الري ابنه الحسن أمامه إلى همدان.
فلما اقترب منها خرج منها مالك بن أدهم وجماعة من أجناد الشام وخراسان، فنزلوا نهاوند، فافتتح الحسن همدان ثم سار وراءهم إلى نهاوند، وبعث إليه أبوه بالأمداد فحاصرهم حتى افتتحها، وبعد سقوط مدن خراسان بيد العباسيين، كتب يزيد ابن هبيرة والي العراق الاموي إلى عامر بن ضبارة المري أن يسير إلى قحطبة وأمده بالعساكر، فسار ابن ضبارة حتى التقى مع قحطبة في عشرين ألفا، فلما تواجه الفريقان رفع قحطبة وأصحابه المصاحف ونادى المنادي، يا أهل الشام، إنا ندعوكم إلى ما في هذا المصحف، فشتموا المنادي وشتموا قحطبة، فأمر قحطبة أصحابه أن يحملوا عليهم، فلم يكن بينهم كبير قتال حتى انهزم أصحاب ابن ضبارة، واتبعهم أصحاب قحطبة فقتلوا منهم خلقا، وقتلوا ابن ضبارة في العسكر لشجاعته حيث إنه لم يهرب.
وسئل ابن ضبارة عن داوود بن يزيد بن هبيرة، فقالوا هرب، فقال لعن الله شرنا منقلبا، فقاتل حتى قتل، ثم حاصر قحطبة نهاوند حصارا شديدا حتى طلب أهل الشام الذين فيها أن يفتحوا له الابواب، ففتحوا له وأخذوا من قحطبة منهم أمانا، فقال لهم قحطبة من بها من أهل خراسان؟ وهو يقصد أهل خراسان الموالين لبنو امية، ثم غدر قحطبة بأهل خراسان الموالين لبنو أمية في نهاوند بعدما خرجوا ظانين أنهم في أمان، فقال قحطبة للأمراء الذين معه، كل من حصل عنده أسير من الخراسانين فليضرب عنقه وليأتنا برأسه، ففعلوا ذلك ولم يبقى ممن كان هرب من أهل خراسان من أبي مسلم إلى جيش الأمويين أحد، وأطلق الشاميين وأوفى لهم عهدهم وأخذ عليهم الميثاق أن لا يمالئوا عليه عدوا، ثم بعث قحطبة أبا عون إلى شهر زور، في ثلاثين ألفا فافتتحها.