الدكرورى يكتب عن الخليفة الأموي الوليد الثانى بن يزيد “جزء 7”
بقلم/ محمـــد الدكـــرورى
الخليفة الأموي الوليد الثانى بن يزيد “جزء 7”
ونكمل الجزء السابع مع الخليفة الأموي الوليد الثانى بن يزيد، فخرج يزيد في أربعين نفسا ليلا، فكسروا باب المقصورة، وربطوا واليها، وحمل يزيد الأموال على العجل، وعقد راية لابن عمه عبد العزيز، وأنفق الأموال في ألفي رجل، فتحارب هم وأعوان الوليد، ثم انحاز أعوان الوليد إلى يزيد، ثم نزل يزيد حصن البخراء، فقصده عبد العزيز، ونهب أثقاله، فانكسر أولا عبد العزيز، ونفد إلى يزيد بالرأس وكان قد جعل لمن أتاه به مائة ألف، وقيل سبقت كفه رأسه بليلة، فنصب رأسه على رمح بعد الجمعة، وقيل عاش ستا وثلاثين سنة، وكان مصرعه في شهر جمادى الآخرة سنة ست وعشرين ومائة فتملك سنة وثلاثة أشهر، وكانت أمه هي بنت محمد بن يوسف الثقفي وهو أمير اليمن وكان أخو الحجاج بن يوسف الثقفى.
وكان الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية الأكبر، وتعتبر خلافة الوليد بن يزيد هى كانت بداية النهاية للدولة الأموية حيث انفجرت المشاكل في كل مكان والاخطر من ذلك ان الانقسامات حدثت بين أبناء البيت الأموي نفسه وأصبح باسهم بينهم شديد، فرغم أن الوليد استهل عهده بزيادة رواتب الجند، وقد يسر له ذلك كثرة الأموال التي تركها له عمه هشام بن عبد الملك، وهو الذي اشتهر بتدبير الأموال ورغم أنه اشتهر بصفات حسنة وميل الي فعل الخير علي حد تعبير ابن كثير الذي يقول ثم ان الوليد بن يزيد سار في الناس سيرة حسنة بادئ الرأي واخرج من بيت المال الطيب والتحف، لعيالات المسلمين وزاد في أعطيات الناس وخصوصا اهل الشام والوفود وكان كريما ممدوحا شاعرا مجيدا لا يسأل عن شيء فيقول لا.
رغم هذه البداية الطيبة إلا أن الوليد لقي مصرعه علي اثر ثورة اقامها ضده بتدبير ابن عمه يزيد بن الوليد بن عبد الملك وبعض أبناء عمومته الاخرين، وهشام وسليمان والحجاج، وقد نجح هؤلاء في تلطيخ سمعة الوليد واتهموه بالفسق والفجور واللواط والعكوف علي شرب الخمر والغناء، حتي اتهموه انه هم بإن يشرب الخمر فوق الكعبة عندما امره عمه هشام علي الحج سنة مائه وتسعه عشر من الهجره، وكما اتهم بإنه اهان المصحف الشريف الي غير ذلك من التهم الشنيعة التي الصقها أبناء البيت الأموي بابن عمهم، والحقيقة انه بالتكامل والبحث في النصوص اتضح ان هذه التهم مبالغ فيها، بل تكاد تكون مختلقة من أساسها بدافع الحقد والخصومة، فبعض المصادر التاريخية تروي مايدل علي ان الوليد لم يكن علي هذه الصورة الماجنة الفاجرة.
فإبن الأثير يروي ان الوليد كان عفيف وذا مروءة وكان ينهي الناس عن الغناء لانه يزيد في الشهوة ويهدم المروءة، ثم يقول وقد نزه قوم الوليد مما قيل فيه وانكروه ونفوه عنه، وقالوا انه قيل عنه وليس بصحيح وروي الطبري وتابعه ابن الأثير وابن كثير انه لما احاط اتباع يزيد ابن الوليد بالوليد بن يزيد في قصره وحصروه قبل أن يقتلوه، قالوا فدنا الوليد من الباب فقال اما فيكم رجل شريف له حسب وحياء اكلمه، فقال له يزيد بن عنبسة السكسكي، كلمني قال له من أنت ؟ قال انا يزيد بن عنبسة، قال يا أخي السكاسك، ألم أزد في اعطياتكم ؟ ألم ارفع المؤن عنكم ؟ ألم أعطي فقرائكم ؟ ألم أخدم زمانكم ؟ فقال انا ما ننقم عليك في انفسنا، قالوا وتفرق الناس عن الوليد بن يزيد وأتوا عبد العزيز والعباس، فظاهر الوليد بين درعين، وأتوا بفرسين يقال لهما السندي والزائد.
فقاتلهم، فناداهم رجل اقتلوا عدو الله قتلة قوم لوط ارموه بالحجارة، فلما سمع ذلك دخل القصر وأغلق الباب، فقال أما فيكم رجل شريف ذو حسب أكلمه، فقال له يزيد بن عنبسة السكسكي تكلم، فقال ومن أنت؟ قال أنا يزيد بن عنبسة، قال يا أخا السكاسك ألم أزد في أعطياتكم؟ ألم أرفع المؤن عنكم؟ ألم أعطى فقراءكم؟ ألم أخدم زمناكم؟ فقال له ما ننقم عليك في أنفسنا ولكنا ننقم عليك انتهاك ما حرم الله من شرب الخمر ونكاح أمهات أولاد أبيك، واستخفافك بأمر الله، وإتيانك الذكور، قال حسبك يا أخا السكاسك فلعمري لقد أغرقت وأكبرت، وإن في ما أحل الله لمندوحة عما ذكرت، والله لا يرتقي فتقكم ولا يلم شعثكم ولا تجتمع كلمتكم، ورجع إلى الدار فجلس وأخذ مصحفا وقال يوم كيوم عثمان، ونشر المصحف يقرأه، فعلوا الحائط، وكان أول من علاه يزيد بن عنبسة.