أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

الخليفة الأموي الوليد الثانى بن يزيد “جزء 3” 

الدكرورى يكتب عن الخليفة الأموي الوليد الثانى بن يزيد “جزء 3” 

بقلم/ محمـــد الدكـــرورى

الخليفة الأموي الوليد الثانى بن يزيد “جزء 3”

ونكمل الجزء الثالث مع الخليفة الأموي الوليد الثانى بن يزيد، وكذلك توسيع رقعة الأراضي التي تزرع في الصيف وزيادة محاصيلها، ورفع أجر العاملين بها فأقام جسر الوليد على طريق أذنة وهو من المصيصة على تسعة أميال، وشيد مشروع أسيس، المائي على بعد ثلاثة وثمانين ميلا شرقي دمشق، وهو يشتمل على جهاز الري يستخدم للانتفاع بمياه الأمطار، وكما أعتني الوليد بشئون الدولة العسكرية ولم يفرط فيها، ولكن حركة الجهاد كانت قد ضعفت منذ نهاية العقد الأخير من القرن الأول، وتحول دور المسلمين في حدودهم الشرقية مع الترك وحدودهم الشمالية مع الروم، من الهجوم والفتح إلى الدفاع والحفاظ على البلدان التي نشروا الإسلام فيها، وبسطوا سلطانهم عليها، ومع ذلك فإنه تمت في عهد الوليد بعض الفتوح الجديدة، وأغار بعض إخوته على الروم غارات كثيرة ناجحة.

ففي خلافة الوليد فتحت قبرص، إذ أغزى الوليد بن يزيد أخاه الغمر بن يزيد بن عبد الملك، وقد أمر على جيش البحر الأسود بن بلال المحاربي، وأمره أن يسير إلى قبرص، فيخيرهم بين المسير إلى الشام إن شاءوا، وإن شاءوا إلى الروم، فاختارت طائفة منهم جوار المسلمين فنقلهم الأسود إلى الشام، واختار آخرون أرض الروم، فانتقلوا إليها وولي أخاه الغمر بن يزيد الصائفة غير مرة، فغنم ما لم يغنمه أحد قط، وكانت آخر صوائفه في سنة ست وعشرين مائة، وعلى قصر خلافة الوليد بن يزيد، فإن القرارات الثلاثة الإصلاحية التي ارتآها وطبقها، وبعض الفتوحات والغزوات المظفرة التي قادها أخوه الغمر تدل على تفكيره في مشاكل رعيته المالية والاجتماعية والزراعية، تفكيرا جادا خلص منه إلى وضع الحلول السريعة للمشاكل العاجلة.

وتدل على اجتهاده في بعض حركة الفتوح والجهاد وتقويتها، وحماية حدود الدولة، وتنفي عنه ما اتهمه به اليعقوبي من أنه كان مهملا لأمره، قليل العناية بأطرافه، متشاغلا عن أمور الناس، ويذكر التاريخ جنايات كثيرة للوليد بن يزيد بن عبد الملك وهو الوليد الثاني، على الدولة الأموية، وكان أعظمها إفساده بني عميه هشام والوليد والوزراء والولاة اليمانية وهم الدولة، فقد قام بجلد ابن عمه سليمان بن هشام وتغريبه إلى عمان لأمور كان ينقمها من أبيه وهو ولي عهده، وكان سليمان محبوبا معدودا من أكابر الرجال علما وسياسة ودراية بالحروب، ومعرفة بحيلها ومكائدها، وكما أراد الوليد بن يزيد البيعة لابنيه الحكم وعثمان وكانا غلامين، وسجن الوزير سعيد بن صهيب لنهيه إياه عن البيعة لابنيه، فغضب عليه وتركه في السجن حتى مات.

وعرض أمر البيعة لابنيه على خالد بن عبد الله القسري فرفض، وكان خالد رأس ولاة الأمويين وشيخ وزرائهم وأعظم قائد لجند اليمانية، فغضب الوليد الثاني على خالد، ومما زاد من غضبه أن خالد القسري تكتم على اليمنية الذين كانوا يخططون لاغتياله، ولم يدله عليهم، فقد كان الوليد الثاني على علم بما أجمع عليه زعماء مضر وقضاعة واليمانية من الفتك به، فأبى أن يكاشف خالد بما علم اتقاء الفتنة، ثم أمر بحبس خالد ودفعه إلى يوسف بن عمر أمره أن يستأدي منه أموال العراق أيام كان عليه، فقبض منه خمسين مليون درهم، وسار به يوسف بن عمر إلى العراق ومكث في العذاب إلى أن مات قتيلا سنة مائه وسته وعشرين من الهجره، وكان آل القعقاع يتولون أهم الولايات فكان الوليد بن القعقاع على قنسرين وعبد الملك أخوه على حمص فعزلهما وعين يزيد بن عمر بن هبيرة.

ودفع إليه آل القعقاع فعذبهم ونكل بهم حتى مات الوليد بن القعقاع وأخوه عبد الملك في العذاب، ورجلان من أهلهما، ونظرا لهذه الأسباب فقد اضطغن على الوليد آل هشام والوليد ابنا عبد الملك، وآل القعقاع واليمانية ومضر، وألبوا عليه الأمة، ولقد اشترك في الثورة على الوليد الثاني عدة عناصر، من أهمها بنو أمية، والقبائل اليمنية، والقدرية، ولقد كَثر الأمراء الأمويين في الفترة الأخيرة من دولتهم، وكان أغلبهم من ذرية عبد الملك وعبد العزيز ومحمد بن مروان بن الحكم، وأقلهم من حفدة يزيد بن معاوية، ويستفاد من أخبارهم أنهم كانوا طائفتين، فمعظم الأمراء الصغار من أولاد الوليد وهشام والحجاج بن عبد الملك بن مروان، ومن أبناء عمر بن عبد العزيز كانوا عصبة واحدة على الوليد، جمع بينهم التذمر منه والمنافسة له، والطمع في عزله.