الدكرورى يكتب عن أبو البشر آدم عليه السلام “جزء 9”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
أبو البشر آدم عليه السلام “جزء 9″
ونكمل الجزء التاسع مع أبو البشر آدم عليه السلام، وفي البطن التالي ابنا وبنتا، فيحل زواج ابن البطن الأول من بنت البطن الثاني ويقال أن قابيل كان يريد زوجة هابيل لنفسه وذلك حسب الإسرائيليات، فأمرهما آدم أن يقدما قربانا، فقدم كل واحد منهما قربانا، فتقبل الله من هابيل ولم يتقبل من قابيل وبعد أيام، كان هابيل نائما وسط غابة مشجرة، فقام إليه أخوه قابيل فقتله، وجلس الأخ القاتل أمام شقيقه المُلقى على الأرض، وكان هذا الأخ القتيل أول إنسان يموت على الأرض ولم يكن دفن الموتى شيئا قد عرف بعد، وحمل الأخ جثة شقيقه وراح يمشي بها، ثم رأى القاتل غرابا حيا بجانب جثة غراب ميت، وقد وضع الغراب الحي الغراب الميت على الأرض وساوى أجنحته إلى جواره وبدأ يحفر الأرض بمنقاره ووضعه في الحفرة وعاد يهيل عليه التراب.
حينها تأسى على أخوه الميت وندم على فعلته، وهكذا خلق الله عز وجل آدم عليه السلام من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض فجاء منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك، والخبيث والطيب والسهل والحزن وبين ذلك فبل التراب حتى عاد طينا لازبا، واللازب هو الذي يلزق بعضه ببعض ثم قال للملائكة كما جاء في الكتاب العزيز ” وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشر من طين، فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين” فقد خلقه الله تعالي بيده لئلا يتكبر إبليس عنه فخلقه بشرا فكان جسدا من طين أربعين سنة من مقدار يوم الجمعة فمرت به الملائكة ففزعوا منه لما رأوه وكان أشدهم منه فزعا إبليس فكان يمر به فيضربه فيصوت الجسد كما يصوت الفخار يكون له صلصلة ويقول لأمر ما خلقت ودخل من فيه وخرج من دبره.
وقال للملائكة لا ترهبوا من هذا فإن ربكم صمد وهذا أجوف لئن سلطت عليه لأهلكنه فلما بلغ الحين الذي يريد الله عز وجل أن ينفخ فيه الروح قال للملائكة إذا نفخت فيه من روحي فاسجدوا له، فلما نفخ فيه الروح فدخل الروح في رأسه عطس فقالت الملائكة قل الحمد لله فقال الحمد لله فقال له الله عز وجل رحمك ربك فلما دخلت الروح في عينيه نظر إلى ثمار الجنة، فلما دخلت الروح في جوفه اشتهى الطعام فوثب قبل أن تبلغ الروح إلى رجليه عجلان إلى ثمار الجنة فلم يستطع النهوض فقال رب استعجل بخلقي، قد غربت الشمس فكان خلق آدم آخر ساعات النهار من يوم الجمعة بعد ما خلق الخلق، ولما صار آدم عليه السلام حيا ودبت فيه الحركة علمه الله تعالي أسماء كل شيء من الملائكة والطيور والحيوانات وغير ذلك من المخلوقات الموجودة في الكون.
فأراد الله عز وجل أن يبين للملائكة فضل آدم ومكانته عنده فعرض جميع الأشياء التي علمها لآدم على الملائكة فقال لهم “انبؤني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين” فقال الملائكة سبحانك لا علم لنا إلا ماعلمتنا إنك أنت العليم الحكيم، فأمر الله عز وجل آدم عليه السلام أن يخبرهم بأسماء هذه الأشياء التي عجزو عن معرفتها فصار آدم يذكر اسم كل شيء يعرض عليه وعند ذلك قال الله تعالي للملائكة “ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ماتبدون وما كنتم تكتمون” فكان هذا إعجاز للملائكة وبيان مكانة آدم عند الله تعالي، وأمر الله عز وجل الملائكة بالسجود لآدم تعظيما وتشريفا لآدم، فسجدو جميعا إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين استكبارا منه على آدم، فقال الله له ما منعك أن تسجد إذ أمرتك؟ قال إبليس “أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين”
قال الله تعالي له “اخرج منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين” فكان جزاء إبليس لعصيانه لأمر الله تعالي هو خروجه من الجنة إلى الأرض فكان هذا سببا لكراهية إبليس لآدم وذريته وتوعده لهم بأغوائهم أجمعين، وقد أمر الله عز وجل آدم وزوجته حواء أن يسكنا الجنة ويأكلا من ثمارها ويبتعدا عن شجرة بعينها من أشجار الجنة دون سائر أشجارها، فأتى الشيطان إلى آدم وحواء فقال لهما هل أدلكما على شجرة إن أكلتما منها خلدتما فلم تموتا، وملكتما ملكا لا ينقضي فيبلى؟ فحلف لهما على أنه ناصح لهما فيما ادعاه من الكذب، فأكل آدم وحواء من الشجرة التي نهيا عن الأكل منها، وأطاعا أمر إبليس، وخالفا أمر ربهما فانكشفت لهما عوراتهما، وكانت مستورة عن أعينهما، ولا علم عندنا أي شجرة كانت على التعيين، لأن الله لم يضع لعباده دليلا على ذلك في القرآن، ولا في السنة الصحيحة.