الدكرورى يكتب عن أبو البشر آدم عليه السلام “جزء 8”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
أبو البشر آدم عليه السلام “جزء 8″
ونكمل الجزء الثامن مع أبو البشر آدم عليه السلام، ويقول تعالي ” فاستفتهم أهم أشد خلقا أم من خلقنا إنا خلقناهم من طين لازب” أي من طين لزج متماسك، وهنا قال الإمام الطبرسي، طين لازب أي لاصق وإنما وصفه جل ثناؤه باللزوب لأنه تراب مخلوط بماء، والتراب إذا اختلط بماء صار طينا لازبا، وقد ذكر القرآن الكريم في سورة الحجر ” ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون” وكما ذكر القرآن الكريم في سورة الرحمن ” خلق الغنسان من صلصال كالفخار” والصلصال هو الطين اليابس الذي يصلصل، وإذا أدخل النار أو تعرض مدة للشمس صار فخارا، أما الحمأ فهو الطين الذي اسود وتغير من طول ملازمته الماء، والمسنون المصور، وقيل المصبوب المفرغ، أي أفرغ صورة إنسان كما تفرغ الصور من الجواهر المذابة في قوالبها.
وقيل المسنون هو المتغير الرائحة ومنه قوله تعالي “فانظر إلي طعامك وشرابك لم يتسنه” أي لم يتغير مع مضي مائة عام عليه، ولقد اختلف الناس في طول أبو البشرآدم وحواء عليهما السلام فكان من المسيحيين من ذهبوا مذاهب شتى، فقال المستشرق السيد هانريون العضو في المجمع العلمي الفرنسي، ان طول آدم كان مائة وثلاثة وعشرون قدما وتسع بوصات أي بما يعادل سبعة وثلاثون مترا تقريبا، وان طول حواء كان مائة وثماني عشر قدما وثلاثة ارباع البوصة، وهذا هو المذكور في كتاب الرحلة الحجازية، فهؤلاء المستشرقون اخذوا استنتاجهم من المومياوات والهياكل التي يعثرون عليها في باطن الأرض، قال العزيزي علي الجامع الصغير عند هذا الحديث وعند الإمام أحمد عن أبو هريرة رضي الله عنه مرفوعا “كان طول آدم ستين ذراعا في سبعة اذرع عرضا”
وما ذكره ابن بطوطة في رحلته من أن طول قدم آدم الموجودة على الصخرة بجبل سرنديب أحد عشر شبرا وتكون مناسبة بالنسبة لطوله المذكور هنا في الحديث، ويذكر القرآن الكريم قصة آدم أبو البشر مع زوجته حواء في الجنة، حيث أن الله تعالى أسكن آدم الجنة هو وزوجته حواء، فقال تعالى ” وقلنا يا آدم اسكن انت وزوجتك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين” فقد أمر الله عز وجل آدم عليه السلام هو وزوجته بالعيش في الجنة وأكل ما لذ وطاب ولكن حذره الله تعالى من الاقتراب من شجرة في الجنة امتحانا لهما وابتلاءا لطاعتهما لله، ولكن إبليس الذي توعد بإغواء آدم استطاع اقناعه بالأكل من الشجرة، وتظاهر بأنه يريد مصلحة آدم وحواء، فادعى أن هذه الشجرة هي شجرة الخلد، وأن الأكل منها يورث الخلود في الجنة والمُلك الدائم.
فكانت النتيجة أن أكل آدم وحواء من الشجرة المحرمة مما أدى إلى خروجها من الجنة وغضب الله على آدم وحواء ولكن الله تعالى تاب عليهما بعد ذلك، بعد أن استغفر آدم ربه وتاب إليه، فتاب الله عليه، ولكن رغم ذلك، أخرجه الله تعالي من الجنة ووعده بالرجوع إليها إذا آمنوا به وعملوا صالحا في الأرض، وكانت هذه اللحظة بداية نزول آدم إلى الأرض، وهنا يقول الله عز وجل “فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقي، إن لك ألا تجوع فيها ولا تعري، وانك لا تظمأ فيها ولا تضحي، فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك علي شجرة الخلد علي شجرة الخلد وملك لا يبلي، فأكلا منها فبدت لهما سؤاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصي آدم ربه فغوي، ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدي، قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو، فإما يأتينكم مني هدي فمن تبع هداي فلا يضل ولا يشقي”
وقد اختلف العلماء في مكان الجنة التي سكن بها آدم وحواء فمن قائل أنها في السماء، وآخرون قالوا على أنها في الأرض، ولكل فريق منهم أدلته من الكتاب والسنة، وكما اختلف في مكان وفاة آدم عليه السلام وموضع دفنه، حيث يعتقد أنه دفن في جبل أبي قبيس بمكة، وقيل أن نبي الله نوح عليه السلام حمله في الطوفان ودفنه مع حواء في بيت المقدس، وأضاف ابن كثير في كتاب البداية والنهاية أنه قد يكون دفن في الهند على المشهور من الأقوال دون أن يحددها، وكان من أبناء آدم عليه السلام هم قابيل وهابيل، فأما عن قابيل فهو أول أبناء آدم في جميع الديانات السماوية، ويروي لنا القرآن الكريم قصة ابنين من أبناء آدم عليه السلام وهما هابيل وقابيل، وذلك حين وقعت أول جريمة قتل في البشر، فقد كانت حواء تلد في البطن الواحد ابنا وبنتا.