الدكرورى يكتب عن أبو البشر آدم عليه السلام “جزء 7”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
أبو البشر آدم عليه السلام “جزء 7”
ونكمل الجزء السابع مع أبو البشر آدم عليه السلام، وترى المسيحية أن الطبيعة البشرية معيبة بشكل لا رجعة فيه بسبب خطيئة آدم، ولا توجد تلك الفكرة في اليهودية، ولا في الإسلام، وقد ابتكرها بولس الطرطوسي، بالاعتماد على التيارات الشائعة في الفكر اليهودي الهلنستي الذي أكد أن خطيئة آدم قد أدخلت الموت والخطيئة إلى العالم، والخطيئة، بالنسبة لبولس، كانت قوة يخضع لها جميع البشر، لكن مجيء المسيح أظهر الوسائل التي يمكن من خلالها دخول الأخيار إلى الفردوس الذي حرمت منه خطيئة آدم البشرية، ولم يكن بولس يعتبر أن هذه الخطيئة الأصلية لآدم قد انتقلت بيولوجيا أو أن الأجيال اللاحقة ستعاقب على أفعال الجد آدم، وكان أوغسطينوس هو الذي اتخذ هذه الخطوة، وقام بتحديد موقع الخطيئة نفسها في السائل المنوي للذكور.
مبررا ذلك بأن عندما أكل آدم وحواء من الفاكهة خجلا وغطيا أعضاءهما التناسلية، وهذا هو المكان الذي تم نقل الخطيئة الأصلية منه إلى جميع الأجيال المقبلة، ويسوع المسيح وحده، الذي لم ينتج من سائل منوي بشري، ليس لديه العيب الذي انتقل من آدم، وكانت فكرة أوغسطينوس تستند إلى أفكار العالم القديم الخاصة بعلم الأحياء، والتي تنص على أن الحيوانات المنوية الذكرية تحتوي على الطفل الذي لم يولد بعد بأكمله، وأن رحم الأم ليس أكثر من غرفة رعاية ينمو فيها، ولكن في الإسلام هو أن آدم عليه السلام هو أول خلق الله تعالي من البشر وأول إنسان على سطح الأرض وقد خلقه تعالي الله ونفخ فيه من روحه وأمر ملائكته بالسجود له وهو سجود تحية وتقدير، لا سجود عبادة، فسجدوا جميعا إلا إبليس لم يسجد وقال لربه أسجد لمن خلقت طينا انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين.
فغضب الله عليه وأقفل في وجهه باب التوبة والرحمة ولعنه، فقال إبليس لربه أنظرني إلى يوم يبعثون قال إنك من المنظرين إلى اليوم الموعود وهو يوم القيامة وقال الله عز وجل له لأملأن جهنم ممن اتبعك منهم أجمعين، وعندما سكن أبو البشر آدم عليه السلام وزوجته السيدة حواء الجنة حاول إبليس التسلل لهما فأغواهما ووسوس لهما وجعلهما يأكلان من الشجرة التي نهاهما الله عنها فعصى آدم ربه فغوى وتسبب في طردهما من الجنة ونزولهما إلى الأرض، ومن أبنائه هابيل وقابيل وشيث، وقد اختلف في مقدار عمره عليه السلام، فعن ابن عباس وأبي هريرة رضي الله عنهما، مرفوعا “أن عمره اكتتب في اللوح المحفوظ ألف سنة” وهذا لا يعارضه ما في التوراة من أنه عاش تسعمائة وثلاثين سنة لأن قولهم هذا مطعون فيه مردود إذا خالف الحق الذي بأيدينا مما هو المحفوظ عن المعصوم.
وأيضا فإن قولهم هذا يمكن الجمع بينه وبين ما في الحديث، فإن ما في التوراة إن كان محفوظا محمول على مدة مقامه في الأرض بعد الإهباط وذلك تسعمائة وثلاثون سنة شمسية وهي بالقمرية تسعمائة وسبع وخمسون سنة ويضاف إلى ذلك ثلاث وأربعون سنة مدة مقامه في الجنة قبل الإهباط على ما ذكره ابن جرير وغيره فيكون الجميع ألف سنة، ولما مات آدم عليه السلام ظلت ذريته على دين الإسلام يعبدون الله تعالى وحده ولم يشركوا به شيئا، فعاش البشر ألف سنة أخرى على دين الإسلام، وقد ورد ذكر آدم عليه السلام في القرآن الكريم خمسة وعشرون مرة، وكان أكثرها في سورة الأعراف فقد ذكر فيها سبعة مرات، ولقد خلق الله عز وجل آدم جميل الشكل والصورة وحسن الصوت لأن جميع أنبياء الله الذين بعثهم الله لهداية الناس كانوا على صورة جميلة وشكل حسن.
وكذلك كانوا جميلي الصوت، فقال رسول الله محمد صلي الله عليه وسلم “ما بعث الله نبيا إلا حسن الوجه حسن الصوت وإن نبيكم أحسنهم وجها وأحسنهم صوتا” ولقد تحدث القرآن الكريم عن خلق آدم عليه السلام في مواضع كثيرة ولمناسبات متعددة، والمتأمل في تلك الآيات الكريمة التي ورد الحديث فيها عن خلق آدم، يجدها تتناول تلك المراحل والأطوار التي مر بها خلقه، فقد ذكر القرآن في سورة آل عمران ” إن مثل عيسي عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون” وهنا أنه إذا كان خلق نبي الله عيسى عليه السلام من غير أب هي آية عجيبة فإن خلق آدم عليه السلام من تراب آية أعجب، فعيسى خلق من غير أب وآدم خلق من غير أب ولا أم، ويقول تعالي في سورة ص ” إذ قال ربك للملائكة إني خاق بشر من طين”