الدكرورى يكتب عن القائد الأموي العباس بن الوليد ” جزء 2″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
القائد الأموي العباس بن الوليد ” جزء 2″
ونكمل الجزء الثاني مع القائد الأموي العباس بن الوليد، وقد ساق ابن عساكر أخباره، وقيل أنه مات في جمادى الآخرة سنة ست وتسعين، وله إحدى وخمسون سنة، وكان في الخلافة عشر سنين سوى أربعة أشهر، وقبره بباب الصغير، وقام بعده أخوه سليمان بعهد له من أبيهما عبد الملك، وقد كان عزم على خلع سليمان من ولاية العهد لولده عبد العزيز، فامتنع عليه عمر بن عبد العزيز وقال لسليمان بيعة في أعناقنا، وله ترجمة طويلة في تاريخ دمشق، وغير ذلك، ويلقب عصر الوليد الأول العصر الذهبي للدولة الأموية حيث كان عصره في قمة ازدهار الدولة الأموية وقد وجه القادة من دمشق لفتح البلاد في مختلف الاتجاهات حيث وصل الإسلام إلى الصين شرقا وإلى الأندلس وهى أسبانيا غربا، وكان من رجاله محمد بن القاسم الذي فتح بلاد السند وقتيبة بن مسلم والي خراسان الذي فتح بلاد ما وراء النهر وموسى بن نصير.
الذي انضم إلى طارق بن زياد في فتح غرب أفريقية وفي فتح الأندلس، وقد بلغت الدولة الأموية في عهده أوج عزها حيث فتحت جيوشه بخارى وسمرقند وخوارزم، وفرغانة والهند وطنجة والأندلس، امتدت في زمنه حدود الدولة الإسلامية من المغرب الأقصى وإسبانيا غربا ووصل اتساع الدولة الأموية إلى بلاد الهند وتركستان فأطراف الصين شرقا في وسط آسيا لتكون بذلك الدولة الأموية أكبر امبراطورية إسلامية عرفها التاريخ، وكان العباس بن الوليد شاعرا له في زوجته أم سعيد من حفيدات عثمان بن عفان لما طلقها قد ندم وقال أسعدة هل إليك لنا سبيل وهل حتى القيامة من تلاق، بلى ولعل ذلك أن يؤاتي بموت من حليلك أو فراق، فأرجع شامتا وتقر عيني ويشعب صدعنا بعد افتراق، وقد توفي العباس بن الوليد عام مائه وثلاثين من الهجره، في سجن مروان بن محمد في حران.
وكان ذلك بعدما اصابة وباء في السجن ومات معه إبراهيم الإمام وعبد الله بن عمر بن عبد العزيز وكانوا في حبس مروان بن محمد وكان مروان قد سجن وقتل عددا من أبناء الوليد بن عبد الملك وهشام بن عبد الملك، وأما عن مروان بن محمد، فهو أبو عبد الملك مروان الثاني بن محمد، المعروف أيضا بمروان الحمار أو مروان الجعدي نسبة إلى مؤدبه جعد بن درهم، وهو آخر خلفاء بني أمية في دمشق، وقد تولى الخلافة بعد حفيد عمه عبد الملك، وكان هو إبراهيم بن الوليد، الذي تخلى عن الخلافة له، وكان مروان لا يفتر عن محاربة الخوارج، وقد ضرب فيه المثل فيقال، أصبر في الحرب من حمار، ويقال، بل العرب تسمي كل مائة عام حمارا، فلما قارب ملك آل أمية مائة سنة لقبوا مروان بالحمار، وذلك مأخوذ من موت حمار العزير عليه السلام وهو مائة عام
وأما عن إبراهيم الإمام فهو إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس المعروف بإبراهيم الإمام، وهو زعيم الدعوة العباسية قبل ظهورها وهو أخو الخليفتين السفاح وأبي جعفر المنصور، وكان يكنى بأبي إسحاق، وقد ولد بالحميمة سنة اثنين وثمانين للهجرة وقد تزوج من أم جعفر بنت علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وقد عهد إليه أبوه في السر بالإمامة وتزعم الدعوة لحكم العباسيين، فبلغ خبره مروان الثاني، فأخذه وحبسه مدة بحران، ثم قتله غيلة، فبويع سرا أخوه أبو العباس السفاح، وقيل أنه لما قتل إبراهيم الإمام لبس أقاربه السواد حزنا عليه، وذلك أول ما لبسوه، فصار شعارا لهم، وقد ذكره العسكري في الأوائل، وهكذا كان لعباس بن الوليد بن عبد الملك، فارس سخي يقال له فارس بني مروان، وقد فتح مدنا وحصونا كثيرة من بلاد الروم.
وقد أرسل حديثا عن معاذ بن جبل قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة ” وقيل أنه كان للعباس مواقف وحروب وغزوات وفتوحات، فقد قال ابن شوذب، عرض على عمر بن عبد العزيز، جواري وعنده العباس بن الوليد، فجعل كلما مرت به جارية تعجبه قال يا أمير المؤمنين، اتخذ هذه، قال فلما أكثر قال له عمر بن عبد العزيز أتأمرني بالزنا؟ قال فخرج العباس فمر بأناس من أهل بيته فقال ما يجلسكم بباب رجل يزعم أن آباءكم كانوا زناة ؟ وفى النهايه قد مات العباس بن الوليد في سجن مروان بن محمد بحران.