أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك “جزء 2”

الدكرورى يكتب عن الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك “جزء 2”

بقلم / محمــــد الدكـــرورى

الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك “جزء 2″

ونكمل الجزء الثاني ومع الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك، وقد بويع للخلافة بعد وفاة أخيه يزيد، وتزايدت في عهده العصبية القبلية بين المضرية واليمانية، واشتعلت فتن وثورات عديدة في أنحاء الدولة، مثل ثورة الخوارج والشيعة في الكوفة بقيادة زيد بن علي بن الحسين، والبربر في المغرب، وكذلك اضطربت الفتن في بلاد ما وراء النهر، وفي عهده صار للدولة الأموية، إضافة للعاصمة الدائمة ومقر الخلافة دمشق، عاصمة صيفية وهي مدينة الرصافة على نهر الفرات بسوريا تسمى رصافة هشام عرفت بأنها جنات وبساتين مصغرة عن بساتين دمشق، وقد اهتم هشام بن عبد الملك بتنظيم الدواوين، وعمل على رعاية العلم والثقافة، وترجمت في عهده الكثير من المؤلفات، وعمل على إصلاح الزراعة فجفف المستنقعات.

وزاد مساحة الأراضي المزروعة على ضفاف الأنهار وفي أرجاء الدولة، واهتم بالتوسعات، وحقق العديد من الانتصارات على الروم وفي جنوبي بحر الخزر، وتميز عهده بسيادة الأمان في بلاد الشام وأرجاء البلاد الإسلامية، وقال رجل على عهده، أنه أراد هشام ابن عبد الملك أن يوليني خراج مصر فأبيت فغضب حتى اختلج وجهه وكان في عينيه الحول، فنظر إلي نظر منكر وقال لتلين طائعا أو لتلين كارها فأسكت عن الكلام حتى سكن غضبه فقلت يا أمير المؤمنين أتكلم؟ قال نعم قلت إن الله قال في كتابه العزيز ” إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها ” فوالله يا أمير المؤمنين ما غضب عليهن إذ أبين ولا أكرههن إذ كرهن وما أنا بحقيق أن تغضب على إذ أبيت وتكرهني إذا كرهت فضحك وأعفاني.

وقد اختلف المؤرخون في سبب خروجه فمنهم من يقول أن هشام احتقره في مجلس له ومنهم من يقول إنه خرج بسبب ظلم يوسف بن عمر الثقفي، بعد أن ألح أهل الكوفة عليه أن يخرج وقد نصحه الكثيرون بعدم الخروج مذكرينه بما حدث لأجداده لكنه أبى إلا الخروج، ولما بلغ خبره يوسف بن عمر وهو بالحيرة تهيأ له، فلما ظفر به يوسف قتله وكان ذلك سنة مائه واثنين وعشرين من الهجره، وكان ذلك بعد أن توقفت الفتوح في أوروبا قليلا في عهد عمر بن عبد العزيز ويزيد بن عبد الملك تقدم العرب لإستكمال فتوحاته بقيادة عبد الرحمن الغافقي الذي ألحق هزائم كبيرة بالنصارى الإفرنج وتابع عبد الرحمن انتصاراته إلى أن وصل إلى بواتييه، وهناك اصطدم بشارل مارتل وحدثت معركة بلاط الشهداء التي انهزم فيها المسلمون.

والتي استشهد فيها عبد الرحمن لتكون بذلك آخر الحملات الإسلامية لفتح أوروبا الغربية، وعندما وصل الخبر إلى هشام بن عبد الملك بهزيمة العساكر الأموية بالمغرب، استنهض عبيد الله بن الحبحاب وكتب إليه يستقدمه وولاه على أفريقية سنة مائه وثلاثه وعشرين من الهجره، كلثوم بن عياض القشيري وعلى مقدمته بلج بن بشر القشيري، فأساء إلى أهل القيروان فشكوا إلى حبيب بن أبي عبيدة وهو بتلمسان مواقف للبربر، فكتب الخليفه هشام بن عبد الملك إلى كلثوم بن عياض ينهاه ويتهدده، فاعتذر وأغضى له عنها ثم سار واستخلف على القيروان عبد الرحمن بن عقبة ومر على طريق سبيبة وانتهى إلى تلمسان ولقي حبيب بن أبي عبيدة واقتتلا ثم اتفقا ورجعا معا وزحف البربر إليهم على وادي طنجة وهو وادي سوا.

فانهزم بلج في الطلائع وانتهوا إلى كلثوم فانكشف واشتد القتال، وقتل كلثوم وحبيب بن أبي عبيدة وكثير من الجند، وتحيز أهل الشام إلى سبتة مع بلج بن بشر، فحاصرهم البربر وأرسلوا إلى عبد الملك بن قطن الفهري أمير الأندلس في أن يجيزوا إليه فأجابهم إلى ذلك بشرط أن يقيموا سنة واحدة، وأخذ رهنهم على ذلك وانقضت السنة وطالبهم بالشرط فقتلوه وملك بلج الأندلس، وكانت أهم انجازات الخليفه هشام بن عبد الملك، أنه أعاد الجراح بن عبد الله الحكمي لولاية بلاد ما وراء النهر وأقره عليها بعد ما كثرت الاضطرابات عام مائه واحدى عشر من الهجره، فتصدى الجراح للخارجين عن دولة الخلافة من الترك والخزريين وغيرهم، وحارب في معركة حامية الوطيس في بلاد داغستان حيث حاربهم عند مضيق الدربند وهو باب الأبواب.