أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

أم نبي الله موسي عليه السلام ” جزء 5″

الدكروري يكتب عن أم نبي الله موسي عليه السلام ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

أم نبي الله موسي عليه السلام ” جزء 5″

ونكمل الجزء الخامس مع أم نبي الله موسي عليه السلام، وقالت ” قرت عين لي ولك لا تقتلوه” فلعل فرعون قال لها أما لك فنعم، أما لي فلا لا حاجة لي به، وهكذا كان، فقد كان موسى قرة عين امرأة فرعون، أسلمت بسببه، وماتت شهيدة على دينه، وقالت “عسي أن ينفعنا او نتخذه ولدا” وإنه حقا قد نفعها، وتقول ” أو نتخذه ولدا” أي بمعني أي نتبناه أو نجعله خادم عندنا لأنه لم يكن لفرعون ولد، والله سبحانه وتعالي يريد أن المرأة تتعلق بالولد، فما عندها أولاد، والله عز وجل ما كتب لها أولاد حتى يأتي هذا الولد وتتعلق به، وتطلب من زوجها أن يبقيها، ويوافق على طلب زوجته لأن ما عندها أولاد، فيقول تعالي ” وهم يشعرون” أي بمعني أنهم لا يدور في بالهم أو خاطرهم ما المراد بهذا الغلام، ويقول تعالي ” وأصبح فؤاد أم موسي فارغا”

أي بمعني فارغا من كل شيء من أمور الدنيا إلا من ذكر رضيعها موسى، وأمر رضيعها موسى من شدة القلق ما عادت تفكر في شيء إطلاقا، وهكذا هو المعروف من عاطفة الأمومة ولهفتها على الولد، ولذلك قال النبي صلي الله عليه وسلم “لما رأى امرأة تبحث عن ولدها بين الأسرى بين السبي وهي امرأة من الكفار أخذ ولدها في السبي، ملهوفة تبحث عنه، فلما رأته ألصقته بصدرها وأرضعته، قال أترون هذه طارحة ولدها في النار؟قالوا لا” رواه البخاري ومسلم، وهكذا كانت أم موسى، كانت والهة على ولدها، ويصور لنا رب العزو سبحانه وتعالي فيقول ” إن كادت لتبدي به” أي بمعني أنها أوشكت أن تفضح السر، وتسأل عنه جهرا، فيقول تعالي ” لولا أن ربطنا علي قلبها” أي بمعني صبرناها، وثبتناها لكي لا تتكلم.

“لتكون من المؤمنين” وقالت لأخته قصية” أي اتبعي أثره، واطلبي خبره، وكانت تلك الأخت ذكية، وهي أخت موسى كانت نبيهة، فيقول تعالي ” فبصرت به جنب” أي بمعني أنها تظاهرت أنها لا تنظر في الاتجاه ذاك، ولكنها جعلت ترقبه من بعيد بطرف عينها، تنظر إليه وكأنها لا تريده، وأنها حاولت إخفاء أنها تراقب أخاها، وهذا من تمام الحزم والحذر، فإنها لو جاءت إليه قاصدة لظنوا أنها هي التي ألقته، وربما آذوها، فبصرت به عن جنب ” وهم لا يشعرون” فكانت مراقبتها لأخيها كانت سرية خفية، حتى أن القوم لم يشعروا بها، والله عز وجل يريد أن يعيد إلى أم موسى ولدها لأنه وعدها، فقال تعالي ” إنا رادوه إليكي” فكيف سيتم ذلك وقد أصبح الغلام عند أهل فرعون وفي قصره؟ فما الذي يعيده إلى أمه التي تسكن في منازل الفقراء والمستضعفين من بني إسرائيل؟

وهنا يقول تعالي حتي يتحقق الوعد ” وحرمنا عليه المراضع من قبل” فلما استقر بدار فرعون بكى الولد من الجوع، وأرادوا أن يغذوه برضاعة، ولكنهم لم يستطيعوا، فلم يقبل ثديا، ولا أخذ طعاما وجعل يشتد بكاؤه، فحاروا في أمره، وأرسلوا في القوابل والنساء حتى من السوق، جاؤوا لعلهم يجدون من يوافق رضاعه، ولكن لا فائدة، فبينما هم وقوف والناس عليه عكوف، أبصرت أخته هذا المشهد، فلم تظهر أنها تعرفه، بل قالت كما جاء في سورة القصص ” هل أدلكم علي أهل بيت يكفلونه لكم” وهي توهمهم كأنهم ناس آخرين، ما لها بهم علاقة، ولعلهم سألوها لماذا هذا الاهتمام من هؤلاء؟ فأجابتهم رغبة في صهر الملك، ورجاء منفعته، ولأنهم يريدون أي حل؟ قالوا لها نعم أحضري فلما أتت بأمه التقم ثديها، وأخذ يمتصه ويرتضعه.

ففرحوا بذلك فرحا شديدا، وأجرت السيدة آسيا بنت مزاحم زوجة فرعون النفقات، والهدايا، والهبات على أم موسى لأنه وجد الثدي الذي قبل هذا الولد الرضاعة منه، وهكذا جمع شمله بشملها، وصارت أم موسى ترضع ولدها، وتأخذ على ذلك الأجر، وهنا يتحقق وعد الله عز وجل لأم موسي عندما قال لها ” إنا رادوه إليكي وجاعلوه من المرسلين” والله سبحانه وتعالي وعده تتحقق ولا بد، لأنه عز وجل لا يخلف الميعاد، فسبحان الله العظيم القائل ” ومن أصدق من الله حديثا” وهكذا نشأ نبي الله موسى عليه السلام في قصر فرعون يأكل أطيب الطعام، ويشرب أطيب الشراب، ويلبس أحسن اللباس، فسبحان القائل العظيم ” ولتصنع علي عيني” أي بمعني بمرأى من الله تعالي، وحفظ الله الحافظ العظيم.