أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

أم نبي الله موسي عليه السلام ” جزء 3″

الدكروري يكتب عن أم نبي الله موسي عليه السلام ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

أم نبي الله موسي عليه السلام ” جزء 3″

ونكمل الجزء الثالث مع أم نبي الله موسي عليه السلام، وأخذت طفلها لترضعه، فالتقم ثديها من دون المرضعات، وقد وُلد نبي الله موسى عليه السلام وكل الأخطار تحدق به وبأسرته، والموت يطل عليه من كل مكان، فالقابلات يتلصصن للإبلاغ عن كل مولود وأم موسى خائفة لا تدرى أتفرح بوليدها أم تحزن لقرب موته المحتوم، وهي تحتار كيف تخفيه أو كيف تحجز صرخته الطفولية لكيلا تصل إلى الجيران، لا حيلة لديها للدفاع عنها وليس معها سوى ابنتها، وقد أغفل السياق القرآنى دور الأب، ربما مات أو كان ممن سخرهم فرعون فى الأعمال الشاقة، وهنا تتدخل العناية الإلهية لإنقاذ نبى بنى إسرائيل المنتظر وتلقى فى روع الأم تصرفا لا يخطر ببال أحد ولم يتكرر عبر التاريخ، فيقول تعالي.

” وأوحينا غلي أم موسي أن أرضعيه فإذا خفتي عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني” فقد سمع الله عز وجل دقات قلبها المتسارعة وخوفها المتصاعد وقلقها اللانهائى، فقال أرضعيه وأشبعيه أولا، ولا تخافى ولا تحزنى، فقدرة الله تعالي فوق الجميع ورعايته التى جعلت النار بردا وسلاما على إبراهيم عليه السلام ستحول البحر اللجى مهادا رقيقا لنبيه موسى عليه السلام، ولكن هل يطاوع قلب الأم إلقاء وليدها إلى نهر النيل، إنه الوحى الذى لا يملك المؤمن تجاهه إلا الامتثال، ولقد شرف نهر النيل بكونه مهدا حنونا لنبى عظيم من أولى العزم من الرسل، وهنا الصندوق يتوقف أمام قصر فرعون، وتراه زوجته المؤمنة فتأمر بالتقاطه، وأم موسى تخاف على وليدها من فرعون فإذا به يصل إلى قصره.

وكأن الذى حدث مع جده يعقوب عليه السلام يتكرر معه فقال أخاف أن يأكله الذئب، فقالوا له بعدها أكله الذئب، وها هنا أم موسى تخفيه عن فرعون فإذا به يصل إليهم وفى كلتا الحالتين كان الله يدخر مستقبلا عظيما لنبي الله يوسف عليه السلام وهو الجد وموسى عليه السلام الحفيد، وكلاهما تربى فى بيت السلطة، وتعلم منها الحسن وترك القبيح، وكلاهما أصبح رجل دولة، فكان الجد يوسف عليه السلام فى الاقتصاد والحفيد هو نبى وقائد بنى إسرائيل العظيم موسي عليه السلام، وكان موسى الرضيع لدى فرعون الآن، هكذا قالت أخته لأمها، ارتاعت الأم أكثر من ذى قبل، ومنعها إيمانها من لوم نفسها، لكن الفرج يقترب من الوليد ورحمة الله تدركه مع كلمات امرأة فرعون عندما قالت ” قرت عين لي ولك لا تقتلوه عسي أن ينفعنا أو نتخذه ولدا”

وقد حمي الله عز وجل نبيه موسى الرضيع بالمحبة، وقيل أن أم موسى عليه السلام إسمها يوكابد، وتنسب إلى لاوي بن نبي الله يعقوب عليه السلام، وبالتالي فإن نبي الله يوسف عليه السلام هو عمها، أما زوجها فهو عمران بن فاهت، وينتسب هو الآخر إلى لاوي بن يعقوب عليه السلام، وكان عمران من العاملين في قصر فرعون، وهكذا وردت قصة أم نبي الله موسى وهارون عليهما السلام، في عدة سور بالقرآن الكريم الذي حكي لنا كيف كانت حالة الخوف والقلق التي اعترتها أم موسي عليه السلام عندما اقترب موعد ولادتها للنبي موسى، حيث كانت تخشى أن يقتله فرعون وجنوده كما كانوا يفعلون مع أبناء بني إسرائيل الذكور في هذه الفترة، وكيف أوحى الله إليها بما عليها أن تفعل حتى ينجو وليدها من هذا المصير.

وقد كانت أم نبي الله موسى امرأة مؤمنة وصاحبة نفس زكية، وقلب نقي، وكانت على دين آبائها يعقوب وإسحاق وإبراهيم عليهم السلام، وقد تهيأت لحمل وولادة نبي من أنبياء الله الصالحين، وكانت مثلا صادقا لكل امرأة تريد أن تستلهم رشدها من ربها عز وجل، وتتلقى منه الأوامر والنواهي بالقبول والطاعة، وتتسلح بالثقة بفضله وحسن التوكل عليه، وتتوقع منه جل شأنه الرحمة في كل وقت، وقيل أنه لقد احترز فرعون كل الاحتراز ألا يوجد موسى، فقام بقتل الأطفال، وقام بعمل جرائم واحتياطات هائلة، حتى أنه أرسل رجالا وقوابل جمع قابلة، وهي النساء الخبيرات في الولادة وأوضاع الحمل عند النساء يطوفون على نساء بني إسرائيل، ويدورون على الحبالى، ويسجلون وقت وضع كل واحدة.