أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

أم نبي الله موسي عليه السلام ” جزء 1″

الدكروري يكتب عن أم نبي الله موسي عليه السلام ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

أم نبي الله موسي عليه السلام ” جزء 1″

هي إمرأه قد ولدت وعاشت علي أرض الكنانة مصر، وكانت كريمة الأصل، عريقة المنبت، مؤمنة صالحة، وعاشت في أمن وأمان مع زوجها وأسرتها وقد تزوجت من عمران بن قاهت بن لاوي بن يعقوب عليه السلام، فهي أم نبي الله موسي عليه السلام، هي صاحبة النفس الزكية، والقلب النقي، والتي كانت على دين آبائها يعقوب وإسحاق وإبراهيم عليهم السلام، وقد تهيأت لحمل وولادة نبي من أنبياء الله الصالحين، وكانت مثلا صادقا لكل امرأة تريد أن تستلهم رشدها من ربها عز وجل، وتتلقى منه الأوامر والنواهي بالقبول والطاعة، وتتسلح بالثقة بفضله وحسن التوكل عليه، وتتوقع منه جل شأنه الرحمة في كل وقت، وقيل إن فرعون رأى في منامه أن نارا أقبلت من بيت المقدس، فأحرقت دور مصر، وجميع القبط.

ولم تضر بني إسرائيل، فجمع الكهنة والسحرة، وسألهم عن تفسير هذه الرؤية، فقالوا له هذا غلام من بني إسرائيل يكون سبب هلاك أهل مصر على يديه، وزوال ملكك على يديه، ولذلك أمر بقتل الغلمان، وترك النساء، وقد قال الله تعالى في سورة القصص “ونريد أن نمن علي الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة” وأما عن كلمة نريد فإنه إذا أراد الله عز وجل شيء لا بد أن يحدث ما أراد الله، أي في الدين، ونجعلهم أصحاب علو وشأن، وتمكين في الأرض، وقدرة تامة ” ونجعلهم الوارثين” أي يرثون ملك فرعون ” ونمكن لهم في الأرض” فنجعلهم أصحاب قوة وسلطة، فيقول تعالي ” ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون” أي سنجعل الضعيف قويا، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى في صدر سورة القصص.

أنه يتلو علينا من نبأ وخبر نبيه موسى عليه السلام وعدوه فرعون بالحق والصدق لكل سامع يسمع، وذي عبرة يعتبر كأنه يشاهد الأمر ويعاينه، فيقول تعالي ” إن فرعون علا في الأرض” فتجبر وطغى وبغى وعتا، وآثر الحياة الدنيا، وأعرض عن طاعة الله عز وجل، فصار يزعم بأنه الإله، ويقول كما جاء في القرآن الكريم ” أنا ربكم الأعلي” وازداد تكبر علي الناس وعلي الله وليعاذ بالله فقال ” ما علمت لكم من إله غيري” فهذا الملك الظالم الطاغية تسلط على عباد الله، “وجعل أهلها شيعا” وقد قسم رعيته إلى أقسام وفرق وأنواع، يستعمل كل صنف منهم فيما يريد من أمور دولته، وجعل يفرق ليسود، ويستعمل كل طائفة ضد الأخرى، فهناك طائفة منهم يستضعفهم، وهم بنو إسرائيل من سلالة نبي الله يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليهم السلام.

وكانوا في ذلك الوقت هم أصلح أهل الأرض، وكانوا هم المسلمون، سلط الله عليهم ذلك الملك الظالم الفاجر الكافر يستعبدهم، ويستخدمهم، فيقول تعالي كما جاء في سورة القصص ” يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين” حيث لا قصد له في الإصلاح أبدا، وكان الحامل له على هذا الفعل القبيح وهو تقتيل الأولاد، أن بني إسرائيل كانوا يتدارسون فيما بينهم آثار عن إبراهيم الخليل، وأنه سيخرج من ذريته غلام يكون هلاك ملك مصر على يديه، وكانت هذه البشارة مشهورة في بني إسرائيل، فتحدث بها الناس، فوصلت إلى فرعون، فعند ذلك أمر بقتل بني إسرائيل حذرا من وجود هذا الغلام، ولقد ذكر القرآن الكريم العديد من القصص، لأخذ العبرة والاتعاظ من أحوال أقوام سبقونا.

ولم يذكر القرآن الكريم اسم أم نبي الله موسى عليه السلام صراحة، ولم يرد كذلك في السنة النبوية المطهرة، وقد اختلف العلماء في تحديد اسمها، فقيل محيانة بنت يصهر بن لاوي، وقيل يوخابذ بنت لاوي بن يعقوب، وقيل يارخا، وقيل يارخت، وقيل غير ذلك، وكانت أخت نبي الله موسى عليه السلام قيل هي مريم بنت عمران، وقد وافق اسمها اسم السيدة مريم أم عيسى عليهما السلام وقيل إن اسمها كلثمة، وقيل كلثوم، وتعد قصة نبي الله موسى عليه السلام من أكثر قصص القرآن ذكرا، فقد ذكرت بجميع حوادثها وتفصيلاتها منذ مولده، بل قبل مولده، وذكرت الآيات الإيحاء إلى أم نبي الله موسى عليه السلام بإرضاعه وإلقائه في اليم وذلك لما خافت عليه من فرعون وجنوده أن يقتلوه لأنهم كانوا يقتلون أطفال بني إسرائيل.