أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

السيدة ميمونة بنت الحارث “جزء 6”

الدكرورى يكتب عن السيدة ميمونة بنت الحارث “جزء 6”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

السيدة ميمونة بنت الحارث “جزء 6”

ونكمل الجزء السادس مع السيدة ميمونة بنت الحارث، وقد توفيت بعد عودتها من الحج بسرف ودفنت حيث أوصت في موضع قبتها هناك وصلى عليها ابن أختها عبد الله بن العباس، فقد توفيت في الموضع الذي زفت فيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقع على طريق المدينة المنورة، مكة المكرمة قبل الوصول إلى مسجد التنعيم بعشرة كيلومترات، ومسجد التنعيم أو مسجد السيدة عائشة هو أحد مساجد مكة المكرمة، وهو يقع في الجزء الغربي من مكة المكرمة على مسافة سبعه كيلو مترات عن الحرم المكي الشريف، ومنه يحرم أهالي مكة للحج والعمرة، وقد اكتسب شهرته من كونه بُني في الموضع الذي أحرمت منه أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر.

بالعمرة في حجة الوداع فى السنه التاسعه للهجرة، وعن يزيد بن الأصم قال ” دفنا ميمونة بسرف في الظلة التي بنى بها فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كانت حلقت في الحج، ونزلت في قبرها، أنا وابن عباس، وكان ذلك في خلافة يزيد سنة إحدى وستين ولها ثمانون سنة، وفى النهايه فيجب علينا أن نوضح أمرا هاما، فإن فكثرة زواج النبي صلى الله عليه وسلم، لم يكن بهدف التمتع وإشباع الشهوة، وإن كان ذلك أمرا فطريا سائغا لا يعاب الإنسان به، وقد كان ذلك سائدا بين العرب آنذاك، وقد عَدَّد الأنبياء قبله صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك فإن هدف النبي صلى الله عليه وسلم، من زواجه كان أسمى من ذلك وأعلى، ففي زواج النبي صلى الله عليه وسلم.

من أمهات المؤمنين رضي الله عنهن، كثير من الحكم التشريعية والإنسانية والتعليمية، إضافة إلى ما يتعلق بمصلحة الدعوة وتبليغ الرسالة، فقد حرص في بعضها، صلى الله عليه وسلم، على توثيق الرابطة بين الإسلام وبعض القبائل، كما حدث عندما تزوج بجويرية بنت الحارث سيد بني المصطلق، الذي كان من آثاره إسلام جميع قبيلتها، وكزواجه من أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان، وصفية بنت حيي بن أخطب، وهدف في بعضها الآخر تكريم أرامل الشهداء، من الذين ماتوا في الحبشة، أو استشهدوا من أجل الدعوة في سبيل الله، وتركوا أرامل لا يقدرون على تحمل أثقال الحياة وأعبائها الجمة، مثل السيده أم سلمة.

والسيده زينب بنت خزيمة، وسودة بنت زمعة، وكان في بعضها الآخر زواجا تشريعيا كزواجه صلى الله عليه وسلم، من زينب بنت جحش وذلك لهدم نظام التبني الذي كان موجودا عند العرب، ومنها توثيق أواصر الترابط بينه وبين صاحبيه الجليلين أبى بكر وعمر، وتكريمهما بشرف المصاهرة به، وذلك ظاهر في زواجه صلى الله عليه وسلم، بالسيده عائشة بنت أبي بكر والسيده حفصة بنت عمر رضي الله عنهم، وثمة أمر آخر هام وهو أن الإسلام، الذي هو خاتم الأديان، بحاجة إلى من يبلغ أحكامه الشرعية الخاصة بالنساء وهي كثيرة، وزوجة واحدة لا تستطيع القيام بهذا العبء وحدها، فالأمر أكبر من ذلك بكثير.

ولقد مثلت سيرة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، القدوة الحسنة لجميع الناس، على اختلاف طبائعهم، وأجناسهم، وظروفهم، وبيئاتهم، ومراحل حياتهم، فقد كانت سيرته العطرة صلى الله عليه وسلم، أفضل السير بما تضمنته من الأخلاق الحسنة، والعادات الطيبة، والعبادات، فيستطيع الغني الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، حين كان تاجرا، ويقتدي الفقير به حين كان صلى الله عليه وسلم، مُحاصرا في شِعب أبي طالب، وحين هاجر من مكة إلى المدينة تاركا أهله وماله ووطنه، ويقتدي به الملك، والضعيف، والمعلم، والتلميذ، والأب، والزوج، والصغير، والكبير، واليتيم، والداعية إلى الله، وأى شخص في كل مرحلة قد يمر بها خلال حياته، وفي كل أمر قد يواجهه، فسيرته العطرة صلى الله عليه وسلم، هى منهاج حياة كاملة، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم، الأسوة الحسنة، والنور الذي يُضيء الظلمات، والإرشاد الذي يهدي كل ضال.