الدكرورى يكتب عن السيدة ميمونة بنت الحارث “جزء 5”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
السيدة ميمونة بنت الحارث “جزء 5”
ونكمل الجزء الخامس مع السيدة ميمونة بنت الحارث، وقد دخلت ميمونة رضي الله عنها البيت النبوي وهي لم تتجاوز بعد السادسة والعشرين، وإنه لشرف لا يضاهيه شرف لميمونة، فقد أحست بالغبطة تغمرها والفرحة تعمها، عندما أضحت في عداد أمهات المؤمنين الطاهرات رضي الله عنهن جميعا، وعند وصولها إلى المدينة استقبلتها نسوة دار الهجرة بالترحيب والتهاني والتبريكات، وأكرمنها خير إكرام، إكراما للرسول صلى الله عليه وسلم وطلبا لمرضاة الله عز وجل، ودخلت أم المؤمنين الحجرة التي أعد لها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، لتكون بيتا لها أسوة بباقي أمها المؤمنين ونساء رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهكذا بقيت ميمونة تحظى بالقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتتفقه بكتاب الله تعالى، وتستمع الأحاديث النبوية من الرسول صلى الله عليه وسلم، وتهتدي بما يقوله، فكانت تكثر من الصلاة في المسجد النبوي لأنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول “صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلى المسجد الحرام” وظلت ميمونة في البيت النبوي وظلت مكانتها رفيعة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا اشتد به المرض صلى الله عليه وسلم، نزل في بيتها، ثم استأذنتها السيده عائشة بإذن النبي صلى الله عليه وسلم لينتقل إلى بيتها ليمرض حيث أحب في بيت السيده عائشة، وبعد انتقال الرسول صلى الله عليه وسلم.
إلى الرفيق الأعلى، عاشت السيده ميمونة رضي الله عنها حياتها بعد النبي صلى الله عليه وسلم، في نشر سنة النبي صلى الله عليه وسلم بين الصحابة والتابعين، لأنها كانت ممن وعين الحديث الشريف وتلقينه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأنها شديدة التمسك بالهدي النبوي والخصال المحمدية، ومنها حفظ الحديث النبوي الشريف وروايته ونقله إلى كبار الصحابة والتابعين وأئمة العلماء، وكانت أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها من المكثرات لرواية الحديث النبوي الشريف والحافظات له، حيث أنها روت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ستا وسبعين حديثا، وقد عكفت أم المؤمنين ميمونه بنت الحارث على العبادة والصلاة في البيت النبوي.
وراحت تهتدي بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقتبس من أخلاقه الحسنة، وكانت حريصة أشد الحرص على تطبيق حدود الله، ولا يثنيها عن ذلك شيء من رحمة أو شفقة أو صلة قرابة، فيحكى أن ذا قرابة لميمونة دخل عليها، فوجدت منه ريح شراب، فقالت “لئن لم تخرج إلى المسلمين، فيجلدونك، لا تدخل علي أبدا” وهذا الموقف خير دليل على تمسك ميمونة رضي الله عنها بأوامر الله عز وجل وتطبيق السنة المطهرة فلا يمكن أن تحابي قرابتها في تعطيل حد من حدود الله، وقد زكى الرسول صلى الله عليه وسلم إيمان ميمونة رضي الله عنها وشهد لها ولأخوتها بالإيمان، وتوفيت رضي الله عنها في عام واحد وخمسين من الهجره.
ولها ثمانون عام، ويقول عطاء توفيت السيده ميمونة بسَرف، وهو المكان الذي بنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج هو وابن عباس إليه، فدفنوها في موضع قبتها الذي كان فيه عرسها، ويقول يزيد بن الأصم قال ثقلت ميمونة بمكة وليس عندها من بني أختها أحد فقالت أخرجوني من مكة فاني لا أموت بها، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرني أني لا أموت بمكة فحملوها حتى أتوا بها إلى سرف الشجرة التي بنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم تحتها في موضع القبة فماتت رضي الله عنها قلت وكان موتها سنة إحدى وخمسين على الصحيح، وقد توفيت بعد عودتها من الحج بسرف ودفنت حيث أوصت في موضع قبتها هناك وصلى عليها ابن أختها عبد الله بن العباس.