أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

الثأر والقصاص في ميزان الحق ” جزء 5″

الثأر والقصاص في ميزان الحق ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الخامس مع الثأر والقصاص في ميزان الحق، ومعنى إن من ورطات وهي جمع ورطة، وهي الهلاك، فيقال وقع فلان في ورطة، أي في شيء لا ينجو منه، وقد فسرها في الخبر بقوله التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها، وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث، الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة” رواه مسلم، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، وكل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله” رواه البخاري ومسلم.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “يجيء المقتول بالقاتل يوم القيامة ناصيته ورأسه بيده وأوداجه تشخب دما، أي تسيل ويقول يا رب هذا قتلني حتى يدنيه من العرش” رواه الترمذي، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم” رواه الترمذى، وعن البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق، ولو أن أهل سماواته وأهل أرضه اشتركوا في دم مؤمن لأدخلهم الله النار” وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول”ما أطيبك وأطيب ريحك ما أعظمك وأعظم حرمتك، والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك ماله ودمه وأن نظن به إلا خيرا” رواه ابن ماجة.

وقيل أنه نظر ابن عمر رضي الله عنهما يوما إلى البيت أو إلى الكعبة فقال “ما أعظمك وأعظم حرمتك والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك” رواه الترمذي، وإن عقوبة الإعدام في شريعة الإسلام تختلف عن عقوبة الإعدام في القوانين الوضعية، فأن العقوبات في الإسلام تدرأ بالشبهات، فليس الإسلام متعطشا لقتل الأنفس، ولكنه شرع العقوبات والقصاص والحدود حفاظا على سلامة حياة الناس، وإن القصاص هو مبدأ المعاقبة بالمثل، لأن القصاص رادع عن جريمة القتل، فإذا لم تكن العقوبة رادعة، فإن السفهاء يكثر منهم القتل، فيتضاعف نقص المجتمع بكثرة القتل، فإن في القصاص حياة، أى بمعنى في القصاص حياة لكم أي لنفوسكم، فإن فيه ارتداع الناس عن قتل النفوس.

فلو أهمل حكم القصاص لما ارتدع الناس،لأن أشد ما تتوقاه نفوس البشر من الحوادث هو الموت، فلو علم القاتل أنه يسلم من الموت،لأقدم على القتل مستخفا بالعقوبات، وإن القصاص فيه الردع عن ارتكاب الجريمة، فالجاني سيشعر بالخوف الشديد والاضطراب والتردد عند فعل الجريمة إن علم أنه سيعاقب عليها بالقصاص،لأن القصاص فيه حياة للمجتمع والقصاص هو حكم الله في الأرض في حالة القتل المتعمد دون مبرر لهذا الفعل ومعنى القصاص على الرغم من تعدد التفسيرات الموضحة، لمعنى القصاص لفظيّا إلا أنها تتفق جميعا في المعنى والمضمون، فمعناه هو المساواة بالمطلق، وإن معنى القصاص شرعا هو أن يتلقى المجرم عقابه بمثل ما فعل، فيقتل القاتل، وهكذا.

والقصاص من العقوبات المقدرة التي ثبتت أصولها في الكتاب وفصلت في السنة النبوية الشريفة، وتكون في تحقيق المساواة بين الجرم الذي تم ارتكابه والعقاب الواقع على مرتكبه، وإن القصاص قائما على تتبع المذنب وعدم تركه دون عقاب، وعدم ترك المجني عليه دون أن يحصل على حقه، ويقع القصاص في كل العقوبات الإسلامية باستثناء الحدود، ومنها ما هو قائم على الدم، ومنها ما هو قائم على تعويض المتلفات، ومنها ما قدرته الشريعة بالنص، ومنها ما ترك مفتوحا ويقع تقديره على ولي الأمر، وأما عن أنواع القصاص فهو حسب نوع العقوبة فقد قسم علماء المسلمين القصاص إلى نوعين، وهما قصاص صورة وهو أن يقع على الجاني عقوبة مادية مماثلة لما أوقعها على المجني عليه.