المرأة والرجل في الإسلام ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
لقد كانت المرأة قبل بعثة النبي صلي الله عليه وسلم لا قدر لها في زمن الجاهلية، بل كانوا يحتقرونها ولا يعطونها شيئا من المال لأنها في زعمهم لا تقاتل ولا ترد الأعداء ونحو ذلك، فجاء الإسلام وجعل لها حقا، وجعل لها مالا، وجعل لها ملكا، وعلق بها أحكاما كثيرة، وألزمها بعبادات كما ألزم الرجال بعبادات، وجعل لها من الأحكام مثل ما للرجال، وجعل النساء شقائق الرجال، ومنذ بزوغ فجر الإسلام عادت للمرأة مكانتها التي سلبت إياها في عصور الشرك والوثنية ، فرفعت رأسها شامخة معززة بعزة الإسلام، مكرمة بكرامة الإسلام لها فأعطيت جميع الحقوق وأوجب عليها جميع الواجبات التي هي من اختصاصها حتى تربعت على مكانة عظيمة في القلوب فكان من النساء العالمة والمجاهدة والمعلمة والمربية والموجهة والمرشدة والداعية إلى الله تعالى إلى غير ذلك من الأمور.
التي حظيت بها المرأة في الإسلام، ولقد أقر الإسلام للمرأة بحقوقها في المشاركة السياسية ولعبت المرأة دورا كبيرا في نصرة الإسلام والتمكين له منذ البعثة وعبر مختلف العصور وإن اختلف هذا الدور من وقت لآخر، وأن السيدة خديجة رضي الله عنها قد قامت بدور كبير في نصرة الإسلام والتمكين له، وكان أول دور سياسي لها أن اكتشفت هذا النبي العظيم صلي الله عليه وسلم وعرفت قدره ثم جعلته مندوبها في التعامل التجاري الكبير وبأموالها التي تمتلكها، ومن هنا يتجلى الدور السياسي للسيدة خديجة رضي الله عنها في أنها لم تقتصر في علاقتها بالرسول علي شئون المنزل، بل اهتمت بشئون حياته العامة وهي الدعوة ولم يقتصر دورها هنا علي الإيمان بالرسول صلي الله عليه وسلم وبرسالة الإسلام فقط، بل ناصرته وطمأنته علي النصر لصفاته الحميدة.
ثم الذهاب معه لورقة بن نوفل مما يعد دورا أساسيا لنصرة الدعوة، وهو بلا شك يظهر قدرة المرأة علي العمل إلي جانب الحق، ونصرة الدين، وكما كان هناك دور سياسي في مبايعتهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد أولى الإسلام المرأة اهتماما كبيرا، ويتضح ذلك من خلال كثير من آيات القرآن الكريم التي أرست قواعد الرحمة والمساواة في التعامل مع المرأة بعد الظلم الذي كان يقع عليها قبل الإسلام، وإن المتأمل لهذه الآيات الكريمة يجدها صانت ما للمرأة من حقوق ابتداء من الحفاظ على حقها في الحياة، محاربا عادة وأد البنات التي كانت سائدة في الجاهلية، ثم حثت على رعايتها وهي طفلة إلى امرأة ثم في مرحلة الشيخوخة، وكذلك المتأمل للسيرة النبوية الشريفة يجدها جاءت مبينة ومفصلة لتلك الحقوق الممنوحة للمرأة في ظل الإسلام، ويكفي قول أمير المؤمنين.
عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن مكانة المرأة قبل الإسلام حتى يتضح لنا كيف كانت مهضومة الحق ذليلة القدر، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال لبثت سنة وأنا أريد أن أسأل عمر عن المرأتين اللتين تظاهرتا على النبي صلى الله عليه وسلم فجعلت أهابه فنزل يوما منزلا فدخل الأراك فلما خرج سألته فقال عائشة وحفصة ثم قال كنا في الجاهلية لا نعد النساء شيئا فلما جاء الإسلام وذكرهن الله رأينا لهن بذلك علينا حقا من غير أن ندخلهن في شيء من أمورنا” وهكذا جاء الإسلام بما يحفظ للمرأة قدرها بعد أن كانت لا قدر لها، ومن العزة للمرأة في الإسلام أنه لم يأتي أي من الشرائع الأخرى ولا حتى القوانين المتعددة سواء شرقية أو غربية، لم يأت أي منهم بما جاء به الإسلام، وهذا مما يثير العجب، ويحثنا على التوقف لتأمل حقيقة تلك الدعوات التي ترتقي لمسامعنا.
من وقت إلى آخر، تلك الدعوات التي تنادي بحقوق المرأة، حاملة فوق عاتقها هموم المرأة، ومحاولة رفع تلك الهموم عن كاهلها، مطالبة لها بأقصى حقوق المساواة مع الرجل، والحق في المشاركة الكاملة في شتى مناحي الحياة، ومظهرة مدى الظلم الواقع على المرأة وبشاعة الحال التي هي عليه، وقال صلى الله عليه وسلم” تنكح المرأة لأربع، لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك ” متفق عليه، فصاحبة الدين هي الضالة المفقودة في هذا الزمان التي إذا غبت عن البيت حفظتك في بيتك ومالك ونفسها، وإذا تكلمت لا يخرج من فيها إلا كل حسن من القول، ولا ترى منها إلا خير العمل فإذا نمت أيقظتك للصلاة، وإذا غفلت ذكرتك بالله، وإذا خضت في كلام لا يفيد حذرتك من عقوبة ذلك الأمر، فبيتها جنة من الجنان، وروضة من الرياض.