الدكرورى يكتب عن رحبعام بن سليمان “جزء 5”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الخامس مع رحبعام بن سليمان، وكان هذا السهم يذكره أينما يتجه ويذهب بالأصل الذي ينتمي إليه، والأسرة التي ينحدر منها، وسواء صحت القصة بالنسبة للياباني أم لم تصح، فإن رحبعام بن سليمان كان يمكن أن يعود إلى آبائه وأجداده ليرفع رأسه، كأعلى ما يكون الارتفاع، وأسمى ما يكون العلو والمجد، ولعله سمع عن جده داود من القصص والأحاديث ما يمكن أن يصنع منه بطلا لو ترسم خطى هذا الجد أو سار في سبيله، أو سلك سلوكه، وكان يمكنه أن يتوفر على الأمثال والجامعة ونشيد الأنشاد التي خرج بها سليمان إلى العالم، لينهل منها البشر أروع الحكم وأمجد الأمثال، وكان من المتصور أن النبع وقد بدأ من بيته ليجري في تيار الإنسانية كلها.
أن يكون هو أول من يرتاده وينهل منه، وأعظم من هذا كله، كان هيكل الله على قيد خطوات منه، وكان يمكنه أن يجد سبيله إلى هذا الهيكل وهو يغنى “كما يشتاق الإيل إلى جداول المياه هكذا تشتاق نفسي إليك يا الله عطشت نفسي إلى الله إلى الإله الحي، متى أجيء وأتراءى قدام الله” وما أحلى مساكنك يارب الجنود تشتاق بل تتوق نفسي إلى ديار الرب قلبي ولحمي يهتفان بالإله الحي، العصفور أيضا وجد بيتا والسنونة عشا لنفسها حيث تضع أفراخها مذابحك يا رب الجنود ملكي وإلهي، طوبى للساكنين في بيتك أبدا يسبحونك، لأن يوما واحدا في ديارك خير من ألف، اخترت الوقوف على العتبة في بيت إلهي على السكن في خيام الأشرار”على أن رحبعام رغم هذه الامتيازات كلها.
لم يحتج سليمان إلى أن يموت ويضحك عليه في قبره، إن صح أن الموتى يضحكون في قبورهم، فإن سليمان الحكيم بكى في حياته، وهو يرى ابنه يأخذ سبيله إلى الشباب والرجولة،ولقد خضع الشاب لعوامل أعتى وأقسى وأقدر على الهدم والتحطيم، وكان لسليمان اليد الطولى في كل هذه العوامل، ولقد تزوج سليمان نعمة العمونية، وهي أميرة عمونية يقطن أهلها الصحراء الواقعة شرقي الأردن، ويبدو أنها كانت ذات جاذبية وتأثير عميق على الملك، حتى أنه بنى مرتفعة لمولك رجس العمونيين من أجلها، وقد قيل أنه عجز الشاب رحبعام عن أن يعرف السبيل إلى إله إسرائيل، لأن أمه أرضعته الوثنية على مرتفعة ملكوم رجس العمونيين، وقيل أنه كان سليمان يحلم لابنه.
بالأحلام العظيمة الوردية، وكان يمكنه أن يحول هذه الأحلام إلى الواقع، حتى ولو كان مشغولا، بأن يفعل ما فعله أبوه فيه، عندما سلمه للنبي ناثان، ليتولى إرشاده ورعايته وتهذيبه وتعليمه، وقيل أنه لقد تزوج سليمان ألف امرأة، وكان له ابن، وقد أورد التاريخ التوراتي أن ابني إبراهيم عليه السلام إسحاق وإسماعيل قد ولدا في فلسطين، ويعقوب عليه السلام وكذلك المسمى إسرائيل، وهو ابن إسحاق عليه السلام، وقد أنجب يعقوب اثنى عشر ولدا عُرفوا ببني إسرائيل، وكان من بينهم نبى الله يوسف عليه السلام، ويوسف هو ابن يعقوب من راحيل وأحب أولاده إليه، ويُطلَق اسـمه على إحدى القبائل العبرانية، وقد حسده إخوته بسبب حب أبيه له أكثر منهم، فتآمروا عليه وألقوه في جُبّ.
وحمله بعض أهل مدين إلى مصر وباعوه بيع الرقيق، فاشتراه رئيس شرطة الملك ووكله على بيته، وقد اتهمته زوجته ظلماً فأُلقي في السجن سنوات، وهناك اكتسب ثقة السجان، فولاه على جميع المسجونين، وذاعت شهرة يوسف عليه السلام مفسرا للأحلام، وقد استوزره ملك مصر بعد أن أوَّل له حلما رآه عن سبع سنين شبع وسبع سنين جوع واقترح عليه تخزين الحبوب في سنين الشبع لتحاشي المجاعة، فعينه رئيسا لمخازنه وهو منصب يماثل منصب وزير التموين في العهد الحاضر، ثم حضر أبوه وكل إخوته من فلسطين هربا من المجاعة فأكرم وفادتهم ووطنهم أرض جاسان أثناء حكم الهكسوس، وقد هاجر نبي الله موسى عليه السلام بقومه تخليصا لهم من فرعون.