السمات الشخصية للإنسان ” جزء 4″
بقلم / محمـــد الدكـــــرورى
ونكمل الجزء الرابع مع السمات الشخصية للإنسان، والحدة في المزاج أو الغضب أو الهدوء أو غير ذلك، ونبرة الصوت وطريقة تعامله مع الآخرين، بل ودرجة التركيز والذكاء وغير ذلك من الوظائف المعرفية للإنسان، ودرجة حكمه على الأمور ورغبته للاختلاط بالآخرين، وحبه أو كرهه للأشياء في الحياة بدرجة كبيرة، فكل تلك الأشياء وغيرها الكثير من مظاهر حياة الإنسان النفسية والاجتماعية تقع تحت مفهوم سمات الشخصية، ومازال علماء النفس وعلماء الجينات يبحثون حثيثا حول طرق تكوين هذه السمات، وهل هي صفات تورث من الآباء والأمهات أم إن كل إنسان يولد ولديه قابلية، تزيد أو تقل على حسب تفاعل الإنسان مع بيئته.
وهذا هو الرأي الأكثر قبولا وشيوعا حتى وقتنا الحالي، وهذا بالطبع دفع العلماء إلى محاولة وضع البرامج، العلاجية والسلوكية لمحاولة إحداث تغيرات في بعض السمات الشخصية غير المرغوبة، إلا أن النتائج التي تخرج من معظم هذه الدراسات هي نتائج غير مشجعة، بمعنى أن العلماء وصلوا إلى قناعة تفيد بأن تغيير سمات الشخصية، لدى البشر أمر صعب وعسير، إلا إذا كان لدى الإنسان رغبة قوية وإرادة كبيرة على التغيير، وأما عن علم نفس الشخصية، فهو فرع من أفرع علم النفس التي تدرس مفهوم الشخصية وتنوعها بين الأفراد، ويعتبر هذا الفرع بمثابة دراسة عملية رامية إلى إظهار الاختلافات الفردية الناجمة عن القوى النفسية بين الأشخاص
وتشتمل مجالات اهتمام علم نفس الشخصية على تكوين صورة مترابطة حول الفرد وعملياته النفسية الرئيسية، ودراسة الفروق النفسية الفردية، ودراسة الطبيعة البشرية وأوجه التشابه النفسية بين الأفراد، وتعتبر الشخصية، بمثابة مجموعة ديناميكية منظمة من الخصائص التي يمتلكها الفرد، والتي تؤثر بشكل فريد على كل من بيئته وإدراكه وعواطفه ودوافعه وسلوكياته في سياق مواقف مختلفة، وتشتق كلمة شخصية من الكلمة اللاتينية بيرسونا والتي تعني القناع، وقد يشير مفهوم الشخصية أيضا إلى نمط الأفكار والمشاعر والتكيفات الاجتماعية والسلوكيات التي تظهر باستمرار، والتي تؤثر على توقعات الفرد ومفاهيمه الذاتية وقيمه ومواقفه إلى حد كبير.
وتتنبأ الشخصية بردود الأفعال البشرية تجاه الأشخاص الآخرين، والمشاكل، والتوتر، وقد تحدث جوردون أولبورت، عن نهجين رئيسيين لدراسة الشخصية، وهما التعددي والتفردي، ويلتمس علم النفس التعددي القوانين العامة القابلة للتطبيق على العديد من الأشخاص المختلفين مثل مبدأ تحقيق الذات أو سمة الانبساط، بينما يُعتبر علم النفس التفردي بمثابة محاولة لفهم الجوانب الفريدة لفرد معين، ولطالما تأصلت دراسة الشخصية بتقاليدها النظرية الوفيرة في مجال علم النفس، فهى تشتمل النظريات الأساسية على المنظور النزوعي وهى السمة، والمنظور الديناميكي النفسي، والمنظور الإنساني، والمنظور البيولوجي، والمنظور السلوكي، والمنظور التطوري.
والمنظور الاجتماعي، ولا يقرن العديد من الباحثين وعلماء النفس أنفسهم بمنظور معين علانيةً، بل يتخذون نهجا انتقائيا، يوصف البحث في هذا المجال بأنه مسيّر تجريبيا مثل النماذج البعدية المبنية على إحصائيات متعددة المتغيرات كتحليل العوامل مثلا، أو متمحورا حول تطوير النظرية مثل نظرية الديناميكا النفسية، علاوة على ذلك، هناك تركيز كبير على المجال التطبيقي المتعلق باختبار الشخصية، وتستعرض دراسة طبيعة الشخصية وتطورها النفسي في مجال التعليم والتدريب النفسي باعتبارها شرطا أساسيا للدورات في علم النفس اللاقياسي أو علم النفس السريري، ويعود جذور العديد من الأفكار التي ابتدعها منظرو الشخصية قديما وحديثا إلى الافتراضات، الفلسفية الأساسية التي يؤمنون بها.