الدكروري يكتب عن أحوال في شهر رجب ” جزء 7″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
أحوال في شهر رجب ” جزء 7″
ونكمل الجزء السابع مع أحوال في شهر رجب، ورُوي أن رجلا من الصالحين فقد ما كان يجد في قلبه من الخشوع والإنابة والإقبال على الله عز وجل فظل حائرا، متألما، يريد أن تعود إليه السلامة التي عهدها من قلبه، فكان يطوف بلدته على حاله تلك وهو يسأل نفسه أين قلبي؟ أين قلبي؟ فجلس يستريح ساعة إذ سمع بكاء صبي تضربه والدته، ثم أخرجته من الدار، وأغلقت دونه الباب، فجعل الصبي يلتفت يمينا وشمالا ولا يدري أين يذهب؟ وإلى أين يقصد؟ فلما سكن ما به عاد ناكصا على عقبيه حتى رجع إالى باب دار والدته فوضع رأسه على عتبة الدار فذهب في النوم، ثم انتبه فجعل يبكي ويقول ياأماه، من يفتح لي الباب إذا أغلقت عني بابك ؟ومن يدنيني من نفسه إذا طردتني من نفسك؟ ومن الذي يربيني بعد أن غضبت عليّ؟ فرحمته أمه.
فقامت ونظرت من خلل الباب فوجدت ولدها تجري الدموع على خديه، متمعكا في التراب، ففتحت الباب وأخذته حتى وضعته في حجرها، وجعلت تقبله وتقول ياقرة عيني ويا عزيز نفسي،أنت الذي حملتني على نفسك، وأنت الذي تعرضت لما حلّ بك، ولو كنت أطعتني لم تلقي مني مكروها، عندئذ صاح الرجل يقول وجدت قلبي، قد وجدت قلبي لن أبرح بابه، فإننا نريد أن نتفقد قلوبنا وأن نتعهد سلامتها، فغن الله كريم لا يُطرد عن بابه إلا من أعرض وأعان على نفسه، ولا يجد ألم الفقد إلا وجد لذة الوجد، من لزم الباب، وأدمن الطرق فتح له وقبل، وعن السيدة عائشه رضي الله تعالي عنها قالت “كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يصوم حتي نقول لا يفطر ويفطر حتي نقول لايصوم ومارأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان ومارأيته في شهر أكثر صياما منه في شعبان”
وفي روايه للشيخان عن السيدة عائشه رضي الله عنها “لم يكن رسول الله صلي الله عليه وسلم يصوم شهرا اكثر من شعبان فانه كان يصوم شعبان كله وكان يقول “خذوا من العمل ماتطيقون فان الله لايمل حتي تملوا” وقيل أنه كان في زمن نبي الله موسى عليه السلام، رجل لا يستقيم على التوبة، كلما تاب أفسد، فمكث على ذلك عشرين سنة، فأوحى الله تعالى إلى نبيه موسى عليه السلام، قل لعبدي فلان أني غضبت عليه، فبلغ نبي الله موسى الرسالة إلى ذلك الرجل، فحزن وذهب إلى الصحراء قائلا إلهي، أنفدت رحمتك، أم ضرتك معصيتي؟ أم نفدت خزائن عفوك أم بخلت على عبادك؟ أي ذنب أعظم من عفوك والكرم من صفاتك القديمة واللؤم من صفاتي الحادثة؟ أفتغلب صفتي صفتك؟ وإذا حجبت عبادك عن رحمتك فإلى من يرجعون؟ وإن طردتهم فإلى من يقصدون؟
إلهي إن كانت رحمتك قد نفدت وكان لا بد من عذابي فاحمل عليّ جميع عذاب عبادك، فإني قد فديتهم بنفسي، فقال الله تعالى يا موسى اذهب إليه وقل له، لو كانت ذنوبك ملء الأرض لغفرتها لك بعدما عرفتني بكمال القدرة والعفو والرحمة، وقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم “ما من صوت أحب إلى الله من صوت عبد مذنب تائب يقول “يارب” فيقول الرب لبيك يا عبدي، سل ما تريد، أنت عندي كبعض ملائكتي، أنا عن يمينك وعن شمالك وفوقك وقريب من ضمير قلبك، اشهدوا يا ملائكتي أني قد غفرت له” وقيل أن في شهر رجب أسري فيه النبي صلي الله عليه وسلم من المسجد الحرام الي المسجد الاقصي وعرج به الي السموات العلي ثم فرضت الصلاه في هذا الشهر، وقد نهي النبي صلي الله عليه وسلم النساء عن زياره الاموات لجزعهن وضجرهن.
وخروجهن فتنه ولاصحه لما اعتادت النساء أن يخرجن الي المقابر في شهر رجب لزياره الاموات، ويقول تعالي “منها اربعه حرم ذلك الدين القيم” أي سميت حرما لانها معظمه محترمه تتضاعف فيها الطاعات ويحرم القتال فيها أي ذلك الشرع المستقيم فلا تظلموا في هذه الأشهر المحرمه بهتك حرمتهن وارتكاب ما حرم الله من المعاصي والاثام فكانت العرب تمسكت بهذا الشرع المستقيم وهو دين ابراهيم واسماعيل وراثه فهما فكانوا يعظمون الاشهر الحرم ويحرمون القتال فيها حتي لو ألقي الرجل قاتل أبيه وأخيه لم يهجه في الاشهر الحرم، ثم نسخ تحريم القتال فيهن بقوله تعالي “واقتلوهم حيث ثقفتموهم” وروي أنه صلي الله عليه وسلم حاصرالطائف وغزا هوازن بحنين في شوال وذي القعده.