الدكرورى يكتب عن الملكة بلقيس بنت شراحيل ” جزء 1″
بقلم / محمــــد الدكـــــرورى
الملكة بلقيس بنت شراحيل ” جزء 1″
لقد بدأت هذه القصة العظيمة التي ذكرها الله عز وجل في كتابة الكريم بتفقد نبي الله سليمان بن داود عليهما السلام للطير، فلم يجد الهدهد، وكانت وظيفة الهدهد أن يبحث لهم عن الماء، ويهدي الجند لمكانه، فتوعده نبي الله سليمان بالعذاب الشديد أو الذبح إذا لم يأته بعذر قوي لغيابه، فلما جاء الهدهد أخبر نبي الله سليمان عليه السلام أنه كان في مملكة سبأ، وأنه وجد الملكة امرأة، قد منَّ الله عليها وعلى مملكتها بكل الخيرات، وبأفضل الأشياء، ولكنها للأسف تعبد الشمس من دون الله عز وجل، وقيل إن بلقيس لم تكن امرأة عادية، أو ملكة حكمت في زمن من الأزمان ومر ذكرها مرور الكرام شأن كثير من الملوك والأمراء، ودليل ذلك هو ورود ذكرها في القرآن الكريم، فقد خلد القرآن الكريم بلقيس، وتعرض لها دون أن يمسّها بسوء، ويكفيها شرفا أن ورد ذكرها في كتاب منزل من لدن حكيم عليم
وهو كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولم ولن يعتريه أي تحريف أو تبديل على مر الزمان، لأن رب العزة سبحانه وتعالي تكفل بحفظه وصونه فقال تعالي “إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون” فإن ذكر بلقيس في آخر الكتب السماوية وأعظمها وأخلدها هو تقدير للمرأة في كل زمان ومكان، فهذه المرأة التي استضعفتها الشعوب والأجناس البشرية وحرمتها من حقوقها، وأنصفها الإسلام وكرمها أعظم تكريم، وهذا في مجمله وتفصيله يصب في منبع واحد، ألا وهو أن الملكة بلقيس كان لها شأن عظيم جعل قصتها مع النبي سليمان عليه السلام تذكر في القرآن الكريم، وقد ورد ذكر الملكة بلقيس في القرآن الكريم، فهي صاحبة الصرح المُمرد من قوارير وذات القصة المشهورة مع النبي سليمان بن داود عليه السلام في سورة النمل.
وقد كان قوم بلقيس يعبدون الأجرام السماوية والشمس على وجه الخصوص، و كانوا يتقربون إليها بالقرابين، و يسجدون لها من دون الله، وهذا ما لفت انتباه الهدهد الذي كان قد بعثه نبي الله سليمان عليه السلام ليبحث عن مورد للماء، و بعد الوعيد الذي كان قد توعده سليمان إياه لتأخره عليه بأن يعذبه إن لم يأت بعذر مقبول عاد الهدهد وعذره معه فقال كما قال تعالي “أحطت بما لم تحط به و جئتك من سبأ بنبأ يقين” فقد وجد الهدهد أن أهل سبأ على الرغم مما آتاهم الله من النعم إلا أنهم “يسجدون للشمس من دون الله”
فما كان من نبي الله سليمان عليه السلام المعروف بكمال عقله وسعة حكمته إلا أن يتحرى صدق كلام الهدهد، فقال ” سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين” وأرسل إلى بلقيس ملكة سبأ بكتاب يتضمن دعوته لهم إلى طاعة الله ورسوله والإنابة والإذعان.
وأن يأتوه مسلمين خاضعين لحكمه وسلطانه، ونصه “إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم، ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين” وإن مملكة سبأ وهى واحدة من الممالك العربية القديمة في اليمن وقد تعاقب على حُكمها العديد من الملوك العظماء إلى أن آل أمرهم إلى ملكة تسمى بلقيس ابنة ذي الهدهاد أو ذي الشرح أو بنت سراحيل، وقد اختلف في نسبها، وتولت لأمر قومها على ازدراء وامتعاض منهم لتوليها المُلك، لكنها كانت ذات حصافة، ورجاحة عقل فكانت سببا في ازدهار مملكة سبأ وتطورها في كافة المجالات وخلد التاريخ اسم الملكة بلقيس كواحدة من أعظم ملكات التاريخ، وقيل أنها كانت ملكة سياسية محنكة إلا إنها وبجانب قوتها كانت إمرأة تحمل في أعماقها معنى الأنوثة وترجمة العاطفة كما أن الروايات كانت تأكد على أنها تمتاز بجمال خارق.
كما كانت تهتم على قدر كبير بمظهرها المتفرد فمن بين ما وصفت أن ملابسها كانت تمتاز بالإحتشام والزينة وفن الخياطة والزخرفة، وأما عن ملكة سبأ، فتوشك معظم الروايات التاريخية التى تستند، فى غالبيتها، إلى مرجعيات لاهوتية معظمها توراتى وبعضها تأويلى إسلامى للقرآن والسنة النبوية والأثر، وهو أن تجمع على أن اسمها هو بلقيس بنت شراحيل، وأنها اعتلت عرش سبأ خلال القرن العاشر قبل الميلاد، وخلافا لمثيلاتها ممن تعرض لهن الذكر الحكيم، تجلى الوصف القرآنى غير المسبوق لملكة سبأ، والتى صورها كأحسن ما تكون المرأة الملكة، فعلى رغم شركها وعبادتها وقومها للشمس من دون الله، حسبما أكدت تقارير استخبارات النبى سليمان عليه السلام وهي ممثلة فى الهدهد الغيور على عقيدة التوحيد، إلا أن الله عز وجل لم يحرمها من وافر عطائه الدنيوي.