أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

الدكروري يكتب عن عفوا لقد نفذ عمركم ” جزء 7″

الدكروري يكتب عن عفوا لقد نفذ عمركم ” جزء 7″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السابع مع عفوا لقد نفذ عمركم، وإن المقصر في جنب الله تمر عليه ساعات أيامه وهو في لهو وغفلة، يُسوف التوبة ويأمل في مزيد من العمر، وما علم أن الموت يأتي بغتة، وإذا جاء لا يدع صاحبه يستدرك ما فاته، فيبقى في قبره مرتهنا بعمله، متحسرا على ما فاته، ومتمنيا على الله أمانيّ لا تغنيه شيئا، فماذا عسى أن يتمنى المقصر إذا أصبح في عداد الموتى ولا حول ولا قوة إلا بالله؟ فيتمنى الميت المقصر لو تعاد له الحياة، ليصلي ولو ركعتين اثنتين فقط، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبر فقال “من صاحب هذا القبر؟” فقالوا فلان، فقال “ركعتان أحب إلى هذا من بقية دنياكم” وفي رواية قال صلى الله عليه وسلم ” ركعتان خفيفتان مما تحقرون وتنفلون، يزيدها هذا في عمله، أحب إليه من بقية دنياكم”

فإن غاية أمنية الميت المقصر، أن يُمدّ له في أجله، ليركع ركعتين يزيد فيها من حسناته، وليتدارك ما فات من أيام عمره في غير طاعة، ألم تسمع وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول لنا معشر الأحياء “الصلاة خير موضوع، فمن استطاع أن يستكثر فليكثر؟” ولقد عاين ذلك الميت وهو في قبره ثواب الصلاة، ورأى بأم عينه فائدة الصلاة، فتأسف أشد الأسف على أيام أمضاها في غير طاعة، على ساعات مضت في لهو وغفلة، لم يجني منها الآن سوى الحسرة والندامة، وهذا هو الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه الذي اشترى الجنة ثلاث مرات، فيروى أنه كان يختم القرآن كل ليلة فأين نحن منه؟ وهاهو النبي الكريم صلي الله عليه وسلم ذات يوم بين أصحابه، وفيهم رجل كبير قد جاوز الستين من العمر، وقد اشتغل رأسه شيبا، إنه الصديق.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه “من أصبح منكم اليوم صائما؟ فقال أبو بكر أنا يا رسول الله، فقال من أطعم اليوم منكم مسكينا؟ فقال أبو بكر أنا يا رسول الله، فقال من عاد منكم اليوم مريضا؟ قال أبو بكر أنا يا رسول الله، ثم قال من اتبع اليوم منكم جنازة؟ قال أبو بكر أنا يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم والذي نفس محمد بيده ما اجتمعن في مؤمن إلا وجبت له الجنة” ولو زاد رسول الله صلى الله عليه وسلم لزاد أبو بكر، فإنه أبو بكر الصديق الذي عندما سمع أن للجنة ثمانية أبواب، ما رضي أن يدعى من باب أو بابين، ما رضي إلا أن يدعى من ثمانية أبواب، وها نحن نرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل لنا أمنية ذلك الميت وهو في قبره، يتمنى أن يصلي، يتمنى أن يعود إلى الدنيا لدقائق معدودة، ليركع ركعتين فقط لا غير.

لا يريد من الدنيا إلا ركعتين، يا سبحان الله، لأنهما الآن أصبحتا عنده تعدل الدنيا بما فيها، وماذا عسى أن تساوي الدنيا عنده، وقد خلفها وراء ظهره وارتهن بعمله ؟ فاغتنم في الفراغ فضل ركوع، فعسى أن يكون موتك بغتة، فكم صحيح رأيت من غير سُقم، ذهبت نفسه الصحيحة فلتة؟ وقيل أنه خرج النبي الكريم صلي الله عليه وسلم إلى غزوة تبوك، وفي ليلة من الليالي نام هو والصحابة، وكانوا في غزوة في سبيل الله، فقال ابن مسعود رضي الله عنه، قمت آخر الليل فنظرت إلى فراش النبي صلى الله عليه وسلم فلم أجده في فراشه، فوضعت كفي على فراشه فإذا هو بارد، وذهبت إلى فراش أبي بكر فلم أجده على فراشه، فالتفت إلى فراش عمر فما وجدته، قال وإذا بنور في آخر المخيم وفي طرف المعسكر، فذهبت إلى ذلك النور ونظرت، فإذا قبر محفور.

والنبي الكريم صلي الله عليه وسلم قد نزل في القبر، وإذا جنازة معروضة، وإذا ميت قد سجي في الأكفان، وأبو بكر وعمر حول الجنازة، والنبي الكريم صلي الله عليه وسلم يقول لأبي بكر وعمر دليا لي صاحبكما، فلما أنزلاه، نزله صلى الله عليه وسلم في القبر، ثم دمعت عيناه صلي الله عليه وسلم ثم التفت إلى القبلة ورفع يديه وقال “اللهم إني أمسيت عنه راضي فأرضي عنه، اللهم إني أمسيت عنه راضي فأرضي عنه” فقلت من هذا؟ قالوا هذا أخوك عبد الله ذو البجادين مات في أول الليل، فقال ابن مسعود رضي الله عنه فوددت والله أني أنا الميت، عندما سمعت النبي صلي الله عليه وسلم يدعوا له ويقول ” اللهم إني أمسيت عنه راضي فأرضي عنه” وإذا رضي الله عن العبد أسعده، وقيل أن نبي الله نوح عليه السلام لما حضرته الوفاه، قيل له يا نبي الله نوح كم عشت؟