أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

المنّ والسلوي في رحلة التيه ” جزء 14″

الدكرورى يكتب عن المنّ والسلوي في رحلة التيه ” جزء 14″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

المنّ والسلوي في رحلة التيه ” جزء 14″

ونكمل الجزء الرابع عشر مع المنّ والسلوي في رحلة التيه، وأما العقوبة الثانية، فكانت ضربة الرومان لهم، التي أنهت الوجود الإسرائيلي أو اليهودي من فلسطين، وفرقتهم في أنحاء الأرض، فلم تقم لهم قائمة بعدها، حتى جاءت الصهيونية الحديثة، ومنهم من قال إنما وقعت مرة واحدة من المرتين، عندما بعث النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وعاهد بني إسرائيل في المدينة، ثم غدروا به وعادوه وحاربوه، فكانت هذه هي مرة الإفساد الأولى، وقد عاقبهم الله تعالى عليها بتسليط عباد له أولي بأس شديد عليهم، وهم الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة معه، فحاربوهم وانتصروا عليهم وأن المرة الثانية هي ما وقع من اليهود اليوم في فلسطين من تشريد أهل فلسطين وتذبيحهم، وتقتيلهم.

وهتك حرماتهم، وتخريب ديارهم، التي أخرجوا منها بغير حق، وفرض وجودهم العدواني الدخيل بالحديد والدم والرصاص، وننتظر اليوم عقوبة الله تعالى لهم، بتسليط المسلمين مرة أخرى عليهم، كما سلط عليهم الصحابة أول مرة، وهذا ما ذهب إليه بعض علماء العصر مثل الشيخ الشعراوي والشيخ عبد المعز عبد الستار وغيرهما، مبينين أن المرة الأولى في إفساد بني إسرائيل كانت في عصر النبوة بعد البعثة المحمدية، وهي ما قام به بنو قينقاع وبنو النضير وبنو قريظة، وأهل خيبر، من كيد وبغى على الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وقد نصرهم الله تعالى عليهم، وكان العباد المسلطون عليهم هم النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة بدليل مدح هؤلاء بإضافتهم إلى الله بقوله.

كما جاء فى سورة الإسراء “عبادا لنا” وأن ما أجمع عليه المفسرون القدامى أن مرتي الإفساد قد وقعتا، وأن الله تعالى عاقبهم على كل واحدة منهما، وليس هناك عقوبة أشد وأنكى عليهم من الهزيمة والأسر والهوان والتدمير على أيدي البابليين، الذين محوا دولتهم من الوجود، وأحرقوا كتابهم المقدس، ودمروا هيكلهم تدميرا، وكذلك ضربة الرومان القاصمة التي قضت على وجودهم في فلسطين قضاء مبرما، وشردتهم في الأرض شذر مذر، كما قال تعالى فى سورة الأعراف ” وقطعناهم فى الأرض” وحسب المسيحية فإن المن رمزا إلى ذاته لأنه هو الخبز الحي النازل من السماء وبذلك أثبت كونه طعاما عجيبا، وسمي المن “برُ السماء” “وخبز الملائكة” وذلك إشارة إلى أنه أعطي على سبيل أعجوبة.

أما “المن المخفى” فيشير إلى القوت السري الذي يعطيه الرب للمؤمن ولا يعطي إلا له وأما عن السمان فهى طيور ترحل من إفريقية في الجنوب إلى الشمال في أسراب كثيرة العدد جدا، وقد صيد منها في إيطاليا مئة ألف طائر في يوم واحد، وهي تطير في أسراب فتشبه السحاب الكثيف ويُسمى السلوى باللغة اللاتيني وقد أرسل الله كمية كبيرة من هذه الطيور إلى محلة العبرانيين ليأكلوا لحمها بعد أن تذمروا على نبى الله موسى عليه السلام، وقد طارت أسرابها من الجنوب عن طريق البحر الأحمر، فقطعت خليجي العقبة والسويس، ووصلت إلى البرية في شبه جزيرة سيناء متعبة مرهقة، وإذ بدخان محلة العبرانيين يعاكسها فتسقط بالآلاف على الأرض، فيسهل إمساكها باليد، والسلوى حلوة المذاق.

وقيل هي تبيض من اثنى عشرة إلى عشرين بيضة وتحتضنها في عش على الأرض، وتطير على ارتفاع صغير نحو ذراعين فوق وجه الأرض، وقد نشر العبرانيون السلوى ليجففوها باسطين إياها حول المحلة، وقد كان إرسال السلوى بهذه الكمية الوافرة مدة شهر كامل علامة من علامات عناية الله الكاملة، ويصف الكاب المقدس ان المن هو معجزه سمائية بكل المقاييس، فهو الخبز النازل من السماء، فقال الرب لنبيه موسى عليه السلام ها انا امطر لكم خبزا من السماء فيخرج الشعب و يلتقطون حاجة اليوم بيومها لكي امتحنهم ايسلكون في ناموسي ام لا، فهو خبز سماوي اعجازي، و يكون في اليوم السادس انهم يهيئون ما يجيئون به فيكون ضعف ما يلتقطونه يوما فيوما ينزل ستة ايام فقط وفي اليوم السادس يكون ضعف الكمية اليومية.